المجلس العسكري في السودان ينفتح على التفاوض وحصيلة فض الاعتصام 60 قتيلا
أبدى رئيس المجلس العسكري الانتقالي الحاكم، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، اليوم الأربعاء، انفتاحه على مفاوضات "لا قيد فيها" حول مستقبل البلاد، فيما سمعت أصوات عيارات نارية في أنحاء العاصمة بعدما بلغت حصيلة فض الاعتصام 60 قتيلا منذ الاثنين.
ورغم القلق الدولي المتزايد ازاء ما يصفه المتظاهرون بـ"المجزرة الدموية" فشل مجلس الأمن الدولي الثلاثاء بإدانة قتل مدني ين وبإصدار نداء دولي ملح لوقف فوري للعنف في هذا البلد، وذلك بسبب اعتراض الصين مدعومة من روسيا، بحسب ما أعلن دبلوماسيون.
وقالت مستشفيات الخرطوم إنها تجد صعوبة في استيعاب أعداد الجرحى بعد فض الاعتصام الاثنين.
وصرح طبيب يعمل في مستشفيين في المدينة لوكالة فرانس برس أن "الوضع صعب للغاية، معظم المستشفيات استقبلت أعدادا أكبر من الجرحى من قدرتها على الاستيعاب".
وأضاف الطبيب الذي طلب عدم الكشف عن هويته "هناك نقص في العاملين الطبيين وكميات الدم، ومن الصعب اجراء الجراحات لأن بعض العمليات الجراحية لا يمكن اجراؤها إلا في مستشفيات معينة".
وأضاف أنه "من بين الجرحى أشخاص في حالة حرجة وأتوقع أن يرتفع عدد القتلى".
وكثفت قوات الأمن وجودها بعد خروج المصلين في عدد من الأحياء لأداء صلاة عيد الفطر عقب دعوة قادة المحتجين "الى الصلاة على أرواح الشهداء".
وفي أم درمان الواقعة على الضفة المقابلة للخرطوم من نهر النيل، شوهدت قوات الأمن تسير دوريات في شاحنات ثبت عليها ما يبدو أنها مدافع مضادة للطائرات وغيرها من الأسلحة ومن بينها قاذفات صواريخ.
وأطاح المجلس العسكري في أبريل بالرئيس عمر البشير بعد أشهر من الاحتجاجات. وكان المجلس وافق على فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات لتسليم السلطة إلى المدنيين.
لكن رئيس المجلس الفريق أو ل ركن عبد الفت اح البرهان أعلن فجر الثلاثاء التخلي عن هذه الخطة ودعا لإجراء انتخابات بإشراف إقليمي ودولي.
وبدت لهجة المجلس العسكري أكثر تصالحية، حيث قال "نتأسف جدا على ما حدث" مبديا استعداده للتفاوض حول مستقبل البلاد.
وقال البرهان في خطاب بثه التلفزيون الرسمي "نحن في المجلس العسكري نفتح أيادينا لتفاوض لا قيد فيه إلا لمصلحة الوطن، نكمل من خلاله التأسيس للسلطة الشرعية التي تعب ر عن تطلعات ثورة السودانيين".
ودعا قادة المحتجين مؤيديهم إلى "العصيان المدني الشامل" للإطاحة بالمجلس العسكري.
والأربعاء أغلق مئات السكان في شمال الخرطوم الشوارع بالحواجز التي صنعوها من الحجارة، ووقفوا بجانبها في صمت، بحسب ما أفاد شاهد عيان لفرانس برس. وسمعت أصوات طلقات نارية عن بعد.
وفي وقت سابق من الصباح س مع صوت إطلاق نار في حي الخرطوم2 الذي يضم العديد من السفارات.
وذكرت لجنة أطباء السودان المركزية أن عدد قتلى فض الاعتصام من أمام القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم ارتفع إلى 60 قتيلا من بينهم طفل في الثامنة من العمل.
وحملت لجنة أطباء السودان "ميليشيات المجلس" (العسكري) مسؤولية مقتلهم.
وقال قادة الحركة الاحتجاجية إن قوات التدخل السريع، التي تعود بجذورها إلى الحرب المستمرة منذ 16 عاما في اقليم غرب دارفور، هي المسؤولة الرئيسية عن فض الاعتصام بالقوة أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم الإثنين. وقائد هذه القوات هو نائب رئيس المجلس العسكري الحاكم في السودان.
واتهمت لجنة أطباء السودان قوات الأمن بمهاجمة المستشفيات وموظفيها في أنحاء البلاد.
وفشل مجلس الأمن على الاتفاق على بيان كانت بريطانيا وألمانيا وزعته خلال اجتماع م غلق لمجلس الأمن يدعو الحك ام العسكري ين والمتظاهرين في الس ودان إلى "مواصلة العمل مع ا نحو حل توافقي للأزمة الحالي ة"، وفق ا لمسو دة البيان الذي اط لعت عليه وكالة فرانس برس.
غير أن الصين اعترضت بشدة على النص المقترح، فيما شددت روسيا على ضرورة أن ينتظر المجلس ردا من الاتحاد الإفريقي، بحسب ما قال دبلوماسيون.
وبعد فشل مجلس الأمن في الاتفاق، قالت ثماني دول أوروب ية في بيان مشترك إنها "تدين الهجمات العنيفة في الس ودان من جانب أجهزة الأمن السودانية ضد المدنيين".
وقالت كل من بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وهولندا والسويد إن "الإعلان الأحادي" الصادر عن المجلس العسكري "بوقف المفاوضات وتشكيل حكومة والدعوة إلى إجراء انتخابات في غضون فترة زمنية قصيرة جدا، هو أمر يثير قلقا كبيرا".
وأيدت حكومات أفريقية وغربية بشدة المحتجين، إلا أن دولا عربية على أرسها السعودية، دعم المجلس العسكري.