أخبار الدارسلايدر

خريطة الردع.. كيف فقد نظام الكابرانات صوابه بعد فشل حلم المنفذ الأطلسي؟

الدار/ تحليل

على النظام الجزائري أن يستعدّ جيداً للتمعّن في الخريطة المغربية الكاملة التي تزيّن خاصرتها الصحراء المغربية برمالها الذهبية وسواحلها الزرقاء الممتدة. هذه الخريطة التي تمثل خلاصة حضارة عريقة امتدت لقرون باستقلال عن الغزاة والدخلاء ووصلت حدودها حتى نهر السنغال والسودان الغربي وإفريقية المعروفة اليوم بتونس والأندلس شمالا. إنها رقعة مستفزة فعلا لأعداء الوحدة الترابية الجاحدين الذين كان المغرب إلى الأمس القريب يدعم نضالهم وكفاحهم من أجل التحرر من استعمار فرنسي دام 132 بعد احتلال عثماني دام قرونا. من الطبيعي أن يكون النظام الحاكم في بلد كهذا لم يمتلك يوما حريته واستقلاله ولم يستطع أن يفرز نخبة محلية تسيطر على مقاليد أموره حريصا على الكيد للجيران والتآمر على وحدتهم الترابية وسلامة أراضيهم.
وقمة المهزلة أن يتناقض نظام يقوده جنرالات راكموا سنوات من الفشل والقمع والانغلاق فيعبّر تارة عن حياده وعدم ارتباطه بقضية الصحراء المغربية، ويرفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات، ثم يعود تارة أخرى إلى اعتبار خريطة في قميص رياضي طعنا في سيادته ومبادئه ووحدته. إنّ هذا التناقض اعتراف صريح من الكابرانات بأنهم طرف أساسي في هذا النزاع المفتعل ودليل ساطع على أنّهم مسؤولون عن استمرار هذه الشوكة في خاصرة المغرب العربي الكبير. بل إنه اعتراف بما هو مسكوت عنه. ونحن في المغرب نعرف جيدا ما هو المسكوت عنه في خطاب النظام الجزائري الفاشل. إنه الرغبة التوسعية نحو المحيط الأطلسي.
لذلك عندما يُطالع ناكرو الجميل وجاحدو المعروف من قيادات هذا النظام خريطة المغرب فإنهم يشعرون بنوع من الحسرة بسبب عدم قدرتهم على امتلاك ذلك المنفذ الأطلسي الذي لطالما أسال لعاب قادتهم في الماضي والحاضر. هذه هي خلفية الخطاب السياسي الذي يروجه الكابرانات اليوم ويدّعون من خلاله أنهم حريصون على قضية عادلة وحق تقرير المصير إلى غير ذلك من الشعارات الرنانة المغلفة بالكثير من الدعاية والكذب والافتراء. ونحن ندرك جيدا أن النظام العسكري الجزائري لم يستطع أبدا أن يتخلّص من هذه الرغبة التوسعية نحو الغرب والسواحل الأطلسية التي تنعم اليوم بالاستقرار والأمن والنماء في ظل السيادة المغربية. ولذلك على أولئك الذين لا يفهمون خفايا الأمور أن يتذكروا المقترح الجزائري الخبيث بتقسيم الصحراء المغربية في 2 نونبر 2001. حينها لم يتردّد الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة في تقديم هذا المقترح للمبعوث الشخصي جيمس بيكر خلال مفاوضات هيوستن.
إذا كان نظام الكابرانات يكافح فعلا من أجل المبادئ والقضية العادلة والسيادة، فلماذا اقترح آنذاك هذا الحل؟ الجواب يعرفه الجميع. لقد كان بوتفليقة على غرار سابقيه يحلم بوضع قدميه على شواطئ الصحراء المغربية ويتمنى منفذا إلى المحيط الأطلسي. وهو حلم ظل وسيظل كذلك إلى الأبد، ما دامت الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه. ومن المضحك أن يتحدث الجزائريون اليوم عن خريطة المغرب بهذا القدر من الكراهية والعداء والعصبية في الوقت الذي لم يكونوا فيه حريصين على خريطة الدولة الوهمية التي يدعون الدفاع عن حقوقها وسيادتها. لذا؛ عليهم أن يستعدوا في المستقبل القريب لمواجهة هذا الشبح الذي يطارد خبثهم وتاريخهم الأسود. هذه الخريطة التي سيراها نظام العناد الفارغ وعقلية التيوس في كلّ مكان ابتداء من هذه اللحظة هي التي ستقضي على شعارات المتفائلين من أصحاب كذبة “خاوة خاوة”.
لقد كانت مهزلة مباراة نهضة بركان فرصة مناسبة كي يتأكد كل المتشككين من هذه العقلية العدائية الكارهة للمغرب، ويدركوا بالملموس أن ما كان المغرب والمغاربة يؤكدونه باستمرار عن خطورة هذا النظام وتهديده للاستقرار في المنطقة ليس مجرد مبالغات أو ادعاءات، بل هو يقين واضح لا يمكن أن يخفى عن العقلاء وأصحاب الرأي والمراقبين الذين يتمتعون بحدّ أدنى من المنطق والتفكير. ونحن إذ نعيد تأكيد هذه الحقيقة ننبه أيضا إلى أنّ سياسة الشرّ التي ينهجها نظام الكابرانات ستجد في مقابلها ما يلزم من ردع وتأديب لازمين، وأنّ طوق العزلة الذي فرضه هذا النظام على نفسه بغبائه وعناده الجنوني سيزداد ضيقا وانسداداً. ومن الآن نحن نبارك لكلّ منتخباتنا وأنديتنا الوطنية في شتى المجالات الرياضية فوزها المسبق على الفرق الجزائرية التي ستواجهها بعد أن قرّر العسكر اللجوء سياسة النعامة بدفن رؤسهم في الرمال والارتكان إلى حيلة الهروب إلى الأمام. أمّا حلم المنفذ الأطلسي فبإمكانهم أن يحقّقوه لكن على ورق مقوّى وبأقلام صفراء وزرقاء.

زر الذهاب إلى الأعلى