صحةنساء

ماذا تفعل المنظفات بصحة النساء؟

تحرص النساء على نظافة المنزل باستخدام المنظفات والمعطرات والمبيدات الحشرية، وفي رحلة البحث عن منظفات مناسبة، تتعرض يوميا لإعلانات شركات المنظفات التي تشجعهن على الفوز بمنزل نظيف وصحي وبراق دون ميكروبات أو جراثيم، لكن ما هو غير معروف أن الاستخدام المتكرر لهذه المواد الكيميائية قد يدمر الجهاز التنفسي لهن.

الأزمة هنا أنه على عكس الغذاء ومستحضرات التجميل فنحن لا نعرف مكونات ما نستخدمه، وندفع فواتير باهظة من صحتنا وقدرتنا على التنفس والعمر المديد مقابل خدمات نحتاج إليها مثل البقع العميقة، والحشرات، والروائح الكريهة.

لذلك لا يضطر مصنعو منتجات التنظيف الكيميائية إلى الكشف عن جميع المكونات الموجودة بالمنتج على ملصقات العبوات، ولكن بعض الشركات تكشف طواعية عن بعض مكونات منتجات التنظيف لديها، كما بدأت بعض الدول في إعادة النظر في لوائحها وطلب وضع علامات أكثر وضوحا على المنتجات التي تحمل مواد ضارة، خاصة أنه ليس هناك قوانين تجبر الشركات على ذلك.

ومنذ فتح الحديث حول ذلك، بدأ دعاة الصحة العامة بتقديم دعمهم لهذه الشركات، وعلى غير المتوقع، رفضوا التأثيرات الصحية لمنتجات التنظيف، وحددوا حق المستهلكين في معرفة مكونات ما يستخدمونه، وعارضوا الكشف عن مكونات مثيرة للقلق، وهو ما أكدته الشركات أيضا، فماذا قد يهم في إدراج كل عنصر بمفرده -بغض النظر عن أهميته للصحة- فالعناصر كثيرة ولن يقرأها أحد؟

وسط هذه التنبيهات والتحذيرات المتأخرة ظهر نوع من المنظفات تحت اسم "المنظفات الخضراء" التي زاد استخدامها بين النساء بين عامي 2011 و2017 لأكثر من الضعف، وارتفعت مبيعات التجزئة منها من 303 ملايين دولار في العام الواحد إلى 640 مليون دولار. ارتفعت مبيعات هذه الشركة بعدما روجت لخط جديد من منتجات "طبيعية بالكامل"، وكشفت عن مكوناتها وسجلتها على الملصقات وعلى موقعها على الإنترنت.

هذه المنظفات لم ترق إلى أي درجة من الأمان، وليست كما تروج لنفسها، كما أنها ترفض الكشف عن المعايير التي تستخدمها لتقييم مكوناتها التي تعتبرها "خضراء"، بخلاف ما كشفته الاختبارات المعملية المستقلة لمؤسسة أصوات نسائية من أجل الأرض دبليو في إي (WVE) وهي منظمة بيئية أميركية غير ربحية متخصصة في الأبحاث حول المواد الكيميائية السامة وخاصة مستحضرات التجميل والمنتجات المنزلية، وكانت قد أجرت أبحاثها على منتجات شركة أس سي جونسون SC Johnson، وأثبتت احتوائها على المسك الصناعي الذي يكسب المنتجات رائحة معطرة ويتسبب في تدمير الغدد الصماء، ورغم ذلك فهي ما زالت في قمة قائمة المنظفات، وتليها في المرتبة الثانية منتجات كلوروكس.

رغم أن القواعد المؤثرة في أدوار الجنسين في المنزل والعمل تغيرت في السنوات القليلة الماضية، فإن النساء ما زلن يؤدين أعمال المنزل والتنظيف جميعها إلا القليل، ما يعرضهن بشكل مباشر للمنظفات الكيميائية، بالإضافة إلى الوقت الذي يمضينه في التنظيف، ليتسبب هذا العمل الإضافي في أن تصبح النساء أكثر عرضة لأي آثار سلبية للمواد الكيميائية في المنظفات.

إن الفارق بين الجنسين في التنظيف واضح بالمنزل كما في العمل، حيث إن 89% من عمال النظافة في المنازل والفنادق غالبيتهم من النساء والأقليات، أي أربعة أضعاف أعدادهم من الرجال.

في دراسة حديثة نشرتها المجلة الأميركية لطب الأمراض التنفسية الحرجة ثبت أن الاستخدام المنتظم لبخاخات التنظيف يؤثر في صحة الرئة كتدخين علبة سجائر يوميا، وذلك بعد فحص مستمر لأكثر من ستة آلاف شخص على مدار 20 عاما، كان من بينهم نساء يعانين من مشاكل صحية كبيرة بعد الاستخدام لمدة طويلة لهذه المنتجات لتنظيف الأقمشة والأخشاب والحوائط والزجاج.

في حالة النساء العاملات كمنظفات أو اللواتي يستخدمن منتجات التنظيف يوميا في المنزل تتراجع وظائف الرئة في فترة قصيرة بدرجة مشابهة لرجل يدخن علبة سجائر يوميا لنحو 20 عاما.

وجد العلماء أن كمية الهواء التي تستنشقها النساء المبحوثات تتضاءل بالتدريج، مع ضمور بالشعب الهوائية، وهي الأعراض التي ظهرت على النساء فقط ولم تظهر على الرجال في الدراسة.

نصح الباحثون الذين أجروا الدراسة النساء بضرورة تجنب هذه المنتجات واستبدالها بالماء وأقمشة مصنوعة من الميكروفايبر. وقال البروفسور سيسيل سفانيس، وهو طبيب بجامعة بيرغن وكبير الباحثين في الدراسة، لصحيفة الإندبندنت إنه في الوقت الذي تزداد في الأبحاث حول الآثار السلبية القصيرة المدى لمواد التنظيف الكيميائية وارتباطها بالإصابة بالربو، نفتقر للمعرفة الكاملة حول التأثير الطويل الأمد لهذه المنتجات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر − 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى