أخبار الدارسلايدر

الهجوم السيبراني الجزائري: تشويش رقمي لحجب الاخفاق الديبلوماسي لنظام العالم الآخر

بقلم: ياسين المصلوحي

بعدما استنفذ حكم العسكر في قصر المرادية جميع السبل والطرق والأساليب للتشويش على المسار الديبلوماسي الذي تنهجه المملكة المغربية في كسب الأصدقاء، وتقليص دائرة الخصوم، خصوصًا على الساحة الإفريقية، وبعد فشل خطة السرقة الحضارية والثقافية لبعض الرموز التقليدية ونسبها إليها من مأكولات وملابس تقليدية وفنون معمارية، لم يبقَ للنظام العسكري الجزائري إلا تسليط شرذمة المرتزقة الإلكترونيين لاختراق الأنظمة المعلوماتية لبعض المؤسسات العمومية والوزارات الحكومية (وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، وأيضًا موقع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي)، بعدما لم يفلح المرتزقة العسكريون (البوليساريو) الذين يتبنون طرحًا انفصاليًا وهميًا.

قد يقول قائل إنه لا دليل عملي أو قانوني على تورط النظام العسكري في هذا الاختراق، إلا أن تغنّي مجموعة من القنوات التلفزية الرسمية للجزائر، والقنوات الخاصة، والنشطاء على وسائط التواصل الاجتماعي، نكاية في المغرب واحتفالًا بهذا الاختراق، كما لو أنه فتح عسكري، ويتفاخرون بكون العصابة التي نفذت هذا الاختراق هم جزائريون يطلقون على أنفسهم اسم “الجبروت”، إضافةً إلى نشر هذه القنوات – الرسمية منها والخاصة – للمعطيات المقرصنة والوثائق المسربة، على اعتبار أن الجزائر لم توقّع على اتفاقية بودابست الدولية لمحاربة الجرائم الإلكترونية، وبالتالي فهي غير ملزمة باحترام السيادة الإلكترونية للدول؛ يوضح بما لا يدع مجالًا للشك ضلوع جهات جزائرية، من قريب أو بعيد، في هذا الهجوم الجبان، الذي جاء في إطار “رقصة الديك المذبوح” التي يؤديها النظام العسكري منذ مدة، بسبب الإخفاقات الديبلوماسية التي يحصدها خارجيًا، والركود الاقتصادي والتنموي والمشاكل الاجتماعية داخليًا، فيبحث عن صنع انتصارات وهمية وتصريف أزماته عبر الأعداء الذين يخلقهم لنفسه.

بغض النظر عن السؤال الدائر حول حقيقة الوثائق المسربة، ومصداقية المعطيات الواردة فيها من أسماء بعض الشخصيات المشهورة والمسؤولة، ومعطياتهم الشخصية، وأجورهم الشهرية، التي خلقت سجالًا في المجتمع المغربي بين من يصدق هذه المعطيات ويناقشها، بل ويستنكرها في إطار الاطلاع على أجور وُصفت بالسمينة لبعض الأسماء، كما أنهم استنكروا كذلك، في المقابل، بروز تصريحات هزيلة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لبعض مدراء الشركات، الذين يصرحون لأنفسهم بالحد الأدنى للأجور، رغم توليهم مناصب كبيرة في هذه الشركات، وبين من ضرب في صحة هذه المعطيات من الأساس، وأنها لا تعدو أن تكون خطة من أعداء المملكة لزرع الفتنة وتأليب الرأي العام على بعض المسؤولين.

وبين هذا وذاك، يبقى المواطن المغربي مطالبًا بمعرفة القانون، وعدم نشر وتوزيع هذه الوثائق المسربة، لما قد ينتج عن ذلك من متابعة قانونية بسبب توفرها على معطيات شخصية يجرم نشرها للعموم بقوة القانون، خصوصًا إذا كان مصدرها غير قانوني. أما نقاش الأجور والتصريحات لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فيبقى من حق أيٍّ كان أن ينتقده ويناقشه، كما أن لدى الحكومة ما يكفي من الآليات والوسائل لضبط هذا الأمر، وتقنينه، ومراقبته. كما أن للسلطة التشريعية كامل الصلاحيات للرقابة على العمل الحكومي، وتوفير المعطيات الحقيقية للمواطنين، لكن في إطار مؤسساتي وقانوني، بعيدًا عن منطق البلطجة.

زر الذهاب إلى الأعلى