أخبار الدارسلايدر

مليارات من البحر… وأكواخ على اليابسة: مفارقة قرى الصيد بالداخلة

الدار : محمد الحبيب هويدي

تكشف الأرقام الرسمية لسنة 2024 عن مفارقة صارخة بجهة الداخلة وادي الذهب: فبينما تدرّ قرى الصيد البحري مداخيل بمليارات الدراهم لفائدة الجماعات المحلية والخزينة العامة، يظل واقع الصيادين اليومي غارقاً في الهشاشة وغياب أبسط شروط العيش الكريم.

وفق المعطيات المحاسبية، بلغت المداخيل الإجمالية المتأتية من قرى الصيد بالجهة ما يفوق 3,68 مليار درهم، مقابل حجم وزن إجمالي يُقدَّر بـ 703,5 ألف طن من الأسماك.

لاسارݣة جاءت في الصدارة بمداخيل تقارب 586 مليون درهم، تلتها انترفت بـ 374,6 مليون درهم.
لبويردة سجلت حوالي 374,2 مليون درهم. امطلان تجاوزت 137 مليون درهم.
في حين بلغت مداخيل المهيريز أزيد من 78 مليون درهم.

ورغم هذه الأرقام التي تعكس ثروة بحرية هائلة، فإن الوضع على الأرض يشي بوجه آخر أكثر قتامة:
صيادون يعيشون في أكواخ هشة من قصدير وخشب لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء.وانعدام الماء الصالح للشرب والكهرباء في عدد من القرى وتكدس الأزبال والنفايات في محيط الموانئ، مما يشكل خطراً بيئياً وصحياً متنامياً وغياب مرافق صحية وتعليمية، تجعل حياة الصيادين وأسرهم مرهونة بالحرمان والتهميش.
وتتجلى خطورة هذا الوضع في كونه يمس فئة تمثل العمود الفقري للاقتصاد البحري المغربي. فالصيد التقليدي يساهم بشكل مباشر في تأمين آلاف فرص الشغل وتزويد السوق الوطنية والدولية بكميات مهمة من الأسماك، ومع ذلك فإن الصيادين أنفسهم لا يجنون سوى فتات العائدات مقارنة بالمداخيل التي تحقّقها الجماعات والوسطاء والشركات الكبرى.
هذا التناقض يضع علامات استفهام عريضة حول العدالة المجالية وجدوى الحكامة المحلية:
كيف يعقل أن تستفيد الخزينة من عائدات بمليارات الدراهم سنوياً بينما تعيش قرى الصيد في غياب شبه تام لمشاريع البنية التحتية والتنمية البشرية؟
وأين موقع برامج التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في السياسات العمومية الخاصة بالجهة؟
إن استمرار الوضع على ما هو عليه، مع تراكم الأزبال، غياب الخدمات، وتردي شروط العيش، لا يهدد فقط كرامة الصيادين، بل يهدد كذلك مستقبل الثروة البحرية نفسها في ظل تراجع شروط النظافة والحفاظ على البيئة الساحلية.

زر الذهاب إلى الأعلى