سلايدرمال وأعمال

الإعلام الإيطالي: طنجة المتوسط.. الميناء المغربي الذي أعاد رسم خريطة التجارة العالمية

الدار/ مريم حفياني

أفردت صحيفة “بانوراما” الإيطالية تقريراً خاصاً عن ميناء طنجة المتوسط، معتبرة أنه لم يعد مجرد منشأة بحرية في قلب المتوسط، بل تحول إلى مركز عالمي يعيد تشكيل طرق التجارة الدولية ويرسخ مكانة المغرب كفاعل رئيسي في العولمة. فمنذ انطلاقه عام 2007، استطاع الميناء أن يتصدر ترتيب الموانئ الإفريقية للعام الثامن على التوالي، وأن يصبح الأول في البحر الأبيض المتوسط منذ خمس سنوات، متجاوزاً موانئ أوروبية عريقة مثل برشلونة ومرسيليا وجنوة، كما صعد إلى المرتبة السابعة عشرة عالمياً بعد أن تخطى حاجز عشرة ملايين حاوية سنوياً.

الصحيفة الإيطالية نقلت عن المدير العام للميناء، طارق دوراس، قوله إن سر النجاح يكمن في الرؤية الاستراتيجية والتوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، التي جعلت المشروع منذ بدايته قائماً على الطموح والاستمرارية والواقعية. هذه الرؤية لم تقتصر على البنية المينائية فقط، بل امتدت إلى إنشاء منظومة صناعية ولوجستية متكاملة تضم أكثر من 1400 شركة في مجالات السيارات والطيران والإلكترونيات والصناعات الغذائية، مولدة أزيد من 130 ألف فرصة عمل. وباتت شركات كبرى مثل “رينو” و”ستيلانتيس” تنتج ما يقارب 600 ألف سيارة سنوياً يتم تصديرها مباشرة عبر طنجة المتوسط نحو مختلف الأسواق العالمية.

أهمية الميناء تتجلى أيضاً في موقعه الجيوستراتيجي، إذ يربط بين أوروبا وإفريقيا وآسيا، ويستحوذ على 35 في المائة من حركة التجارة مع إفريقيا الغربية، وثلث المبادلات مع أوروبا، مستقبلاً سفناً عملاقة يصل طولها إلى 400 متر بحمولة 24 ألف حاوية. وبهذا أصبح المغرب يستغني عن الاعتماد على موانئ أجنبية مثل روتردام، ليتحول بنفسه إلى عقدة رئيسية في سلاسل الإمداد العالمية.

ومن بين العناصر التي أثارت إعجاب الصحافة الإيطالية الطابع المستدام للمشروع، حيث يعتمد الميناء على كهرباء متجددة بنسبة مائة في المائة، ويحتضن أول محطة شمسية عائمة في المنطقة، فضلاً عن مساهمته في إبراز طموح المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر. هذه الجهود جعلت البنك الدولي يصنف طنجة المتوسط ضمن المراتب الثلاث الأولى عالمياً من حيث الكفاءة والأداء.

وفي أفق عام 2030، ومع استعداد المغرب لاحتضان كأس العالم بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، يخطط طنجة المتوسط لمضاعفة عدد المسافرين الذين يعبرونه سنوياً ليتجاوز ستة ملايين، واستقبال ألفي شاحنة يومياً متجهة إلى أوروبا، مع تعزيز ارتباطه بالطرق السريعة والمناطق الصناعية.

من الضفة الجنوبية للمتوسط، لم يعد طنجة المتوسط مجرد ميناء، بل تحول إلى محور رئيسي يربط القارات الثلاث، ويجسد نموذجاً فريداً يجمع بين البعد الاقتصادي والوزن الجيوسياسي، ليصبح بالفعل بوابة المغرب إلى المستقبل ومفتاحاً لإعادة تشكيل موازين التجارة العالمية.

زر الذهاب إلى الأعلى