
بقلم: نورالدين زاوش
لست أدري ما الذي أبهج نظام العسكر الجزائري البليد مما يقع في المغرب من احتجاجات؛ فالشباب يحتجون من أجل أن يتقدم البلد، ومن أجل أن يتحسن قطاع الصحة والتعليم، ومن أجل أن ينعم المواطن بسبل العيش الكريم،
وكما قال الحسن الثاني، رحمه الله: “المعارك لا يربحها الأقوى، ولا الأسرع؛ وإنما يربحها من لا يستسلم أبدا”، وحينما يربح شباب GenZ » «معركتهم ضد الفساد والمفسدين، سيكون أكبر رابح هو الوطن، ولا عزاء للحاقدين.
أما عما وقع من تخريب للممتلكات، وحرق لبعض سيارات الشرطة، ونهب لبعض المحلات، فالحثالة موجودون في كل مكان، وفي كل الأزمنة، وفي كل الأحوال فهم أقل من شرذمة، وأهون من ذبابة، ويد العدالة بدأت باقتناصهم من مخابئهم كالجرذان، واحدا واحدا، ليكونوا عبرة لمن يعتبر، وحتى لمن لا يعتبر، ليعود الأمن والأمان للبلد الذي كان دوما آمنا مطمئنا، وسيبقى كذلك حتى آخر الزمان، ولا عزاء للحاقدين.
لقد فطن شباب « GenZ212» مبكرا للمؤامرة التي تسعى إلى تحقيقها مخابرات قصر المرادية، وقطعوا الطريق على الفوضى والشغب، وعلى الأوباش الذي لا هم لهم سوى تخريب الوطن، كما أبانوا على نضج عال في احتجاجاتهم الراقية، والتي أصبحت تنتهي جلُّها بشكر رجال الأمن، وبالتصفيق لهم بحرارة، وأحيانا بإهدائهم باقات من الورد مغلفة بكثير من الود، وهم بذلك يرسلون رسالة من ذهب لمن يهمهم الأمر، مفادها أن الشعب الأبي والأمن المرابط جسد واحد وليس أكثر، ولا عزاء للحاقدين.
إلا أن أعظم رسالة قدمها شباب « GenZ212» لعصابة العسكر وللعالم أجمع، توجههم مباشرة لجلالة الملك، حفظه الله، بصفته الجهة الوحيدة الموثوق بها في هذا البلد، والشخص الوحيد الذي بإمكانه إطفاء غضب الشارع بكبسة زر، بعدما يئس الجميع من الأحزاب السياسية ومن السياسيين والمسؤولين؛ وهذا يطمئن المستثمرين والسياح ورجال الأعمال إلى أبعد حد؛ إذ بعد كل المشاهد الأليمة التي روّج لها الإعلام الغربي أحيانا، وضخمها أحيانا أخرى، يبقى الوضع تحت السيطرة؛ لأن الجميع مقتنع بأن مفتاح الحل عند شخصٍ واحد يثق المغاربة في حكمته وتبصره كل الوثوق، ويكنون لشخصه الكريم كل التبجيل والتقدير، ولا عزاء للحاقدين.
وتبقى آخر رسالة لهذا الجيل لسياسيينا الذين يجيدون ركوب الأمواج، حتى ولو كانت أمواجا من رمل، وعلى رأسهم ذو المعاشين صاحب مقولة: “عفا الله عما سلف”، والذي خرج يقدم النصائح لجيل لا يسمع كلامه، ولا يفهم منطقه، ولا يعبأ بدموعه التي تنهمر أمام الجماهير كلما دنى موعد الانتخابات، وكان الأولى به أن يَطرد صاحبه “حماقة”، على حد تعبيره، من الحزب شر طردة، بعدما حرض هذا الأخير على “قلب الطاولة” على الدولة، في وقت حساس لا يقبل العبث أو الابتزاز أو حتى المزايدات.
إن من ضرب الأساتذة السلميين حتى سالت دماؤهم الزكية في شوارع الرباط، وسلّط نظام العبودية على رقاب الأساتذة المتعاقدين الذين ما زالوا يعانون إلى اليوم، وأكل أموال المتقاعدين سحتا وبهتانا، ووهب مفتاح صندوق التنمية القروية، بميزانية تتعدى خمسين مليارا، لوزير الفلاحة أنذاك السيد “أخنوش” يعبث به كيف يشاء، وجعل أثمان النفط والبنزين تحت رحمة “نبي النفط”، لا حاجة لهذا الجيل “بِدُرَرِه” و”نفائسه” التي لو كانت تنفع أحدا لنفعته وحزبه، كما لا حاجة لهذه الدولة العريقة بمساهماته البليدة التي لا تزيد الوضع إلا سوء، خصوصا بعدما أصبح مادة دسمة للسخرية على منصات هؤلاء الشباب؛ لذا، عليه أن يبتلع لسانه الطويل، ويلزم بيته العريض، حتى يزوره ملك الموت، أن يأتي يوم من أيام الله يمن علينا فيه بأنه من هدّأ الوضع وأطفأ النيران، تماما مثلما وقع في الربيع العربي.
في أقل من أسبوع، تغيرت ملامح الشباب في الاحتجاجات، وبدت أسارير وجوههم بشوشة مشرقة، وصارت المسيرات تضم الشباب المناضل ورجال الأمن وعناصر القوات العمومية جنبا إلى جنب، في ملحمة خالدة يسطرها الشعب المغربي العظيم، شبيهة بملحمة زلزال الحوز التي أدهشت العالم، وستتحسن ظروف الصحة بلا شك، ويعود التعليم راقيا مثلما كان في يوم من الأيام، وينعم الشعب بالأمن والأمان وظروف العيش الكريم، ولا عزاء للحاقدين.