سلايدرمغرب

من فوضى المطالب إلى الأفعال: هكذا تواجه الحكومة حراك “GenZ 212” ….

الدار/ إيمان العلوي

ما إن نُشر ما سُمّي بـ”الملف المطلبي” لمجموعة “GenZ 212” على منصة “ديسكورد”، حتى اشتعل الجدل في أوساط الشباب، وانقسمت الآراء بين من اعتبر الخطوة بداية لوعي جماعي جديد، وبين من رأى فيها مجرد حراك رقمي بلا عمق ولا أهداف واضحة. فالوثيقة، التي رُفعت تحت شعار “من أجل تفعيل العقد الدستوري وتحقيق طموحات النموذج التنموي الجديد”، كشفت سريعاً هشاشة التنظيم، وتناقض الرؤى داخل المجموعة التي تدّعي تمثيل “جيل جديد” من المغاربة.

في ظاهر الأمر، حاول أصحاب المبادرة أن يقدموا أنفسهم كصوت بديل للشباب المغربي، لكن مضمون الوثيقة جاء خليطاً من المطالب الاجتماعية والسياسية دون ترتيب أو انسجام. فبين من ركز على التشغيل والتعليم والسكن، وبين من رفع شعارات فضفاضة عن “التحول الديمقراطي”، ضاعت البوصلة، وتحولت الوثيقة إلى تجميع عشوائي لرغبات وأحلام غير قابلة للتطبيق في المدى المنظور.

الأكثر إثارة للجدل، كان لجوء بعض المنسقين إلى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل “ChatGPT”، لصياغة نصوص الملف المطلبي. خطوة فُسّرت داخل المجموعة على أنها تعبير عن غياب الرؤية والقدرة على النقاش الحقيقي، إذ اعتبرها بعض الأعضاء “إهانة لروح الشباب” ومحاولة لإضفاء مصداقية مصطنعة على وثيقة تفتقر إلى عمق فكري أو تصور عملي. هكذا، تحولت المبادرة التي كان يُفترض أن تكون تمريناً على المشاركة السياسية الواعية، إلى نموذج مصغّر للفوضى الرقمية التي تفتقر إلى القيادة والمرجعية.

في المقابل، تُظهر التجربة المغربية أن قضايا الشباب ليست غائبة عن أولويات الدولة، بل هي في صميم السياسات العمومية التي يقودها رئيس الحكومة عزيز أخنوش. فمنذ بداية ولايته، تبنّت الحكومة مقاربة عملية تستند إلى برامج واقعية، مثل “فرصة” و*“أوراش”*، اللذين وفّرا آلاف فرص العمل للشباب في مختلف الجهات. كما أطلقت إصلاحات مهيكلة في مجالات التعليم والتكوين المهني، انسجاماً مع التوجيهات الملكية الرامية إلى تمكين الشباب اقتصادياً واجتماعياً.

وإذا كان بعض النشطاء الرقميين يفضلون التعبير عن آرائهم في غرف الدردشة، فإن الحكومة اختارت الاشتغال على الميدان، بتوفير الأدوات التي تضمن للشباب الاندماج في دورة الإنتاج الوطني. فالدولة لا تُبنى بالشعارات الافتراضية، بل بالعمل الميداني والبرامج القابلة للقياس، وهو ما أثبتته حكومة أخنوش بخطوات ملموسة نحو تحقيق العدالة المجالية وتكافؤ الفرص.

الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن “GenZ 212” تعكس حالة من التشتت داخل جزء من الجيل الرقمي، أكثر مما تعبّر عن حركة مطلبية ناضجة. فالمشاركة السياسية لا تُختزل في كتابة وثيقة على الإنترنت، بل في الانخراط في المؤسسات المنتخبة والجمعيات المدنية التي تشكّل الإطار الحقيقي للتعبير والمبادرة.

لقد أظهرت التجارب الحديثة أن المغرب يسير بثبات نحو ترسيخ نموذج تنموي جديد، يجعل من الشباب محور السياسات العمومية، لا عبر الضجيج الرقمي، بل من خلال إشراكهم في البناء الوطني. وبينما تنشغل بعض الحركات الافتراضية بخلق الجدل، تواصل الدولة بقيادة الملك محمد السادس، وبحكومة عزيز أخنوش، العمل على تحويل طاقات الشباب إلى قوة اقتراح وبناء، لا إلى مجرد شعارات عابرة في فضاء الإنترنت.

زر الذهاب إلى الأعلى