موسكو تُبدّل لهجتها حول الصحراء المغربية.. هل تقترب روسيا من تبنّي الرؤية المغربية؟
موسكو تُبدّل لهجتها حول الصحراء المغربية.. هل تقترب روسيا من تبنّي الرؤية المغربية؟

الدار/ مريم حفياني
أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن موقف جديد لبلاده بشأن قضية الصحراء المغربية، حيث أبدى استعداد موسكو لـ”الترحيب بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي كأحد أشكال تقرير المصير”، شرط أن يتم التوافق حولها في إطار المفاوضات الأممية. هذا التصريح، رغم لغته الدبلوماسية الدقيقة، يُعتبر بمثابة إشعارٍ بتغييرٍ تدريجي في المقاربة الروسية لملف ظل لعقود محكوماً بالتوازن الحذر.
لطالما تمسكت روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن، بموقف “الحياد المراقب”، مؤكدة على أهمية الحل السياسي المتوافق عليه تحت إشراف الأمم المتحدة. غير أن الإشارة الصريحة إلى المبادرة المغربية تُعد سابقة في الخطاب الروسي، ما يوحي بأن موسكو بدأت تنظر بعينٍ أكثر براغماتية إلى واقع النزاع وموازين القوى الإقليمية الجديدة.
يرى مراقبون أن الموقف الروسي الجديد لا يمكن فصله عن التحولات الجيوسياسية الجارية في شمال إفريقيا، حيث تعيد موسكو تموضعها الدبلوماسي في ظل تقاربها مع الجزائر، الحليف العسكري التقليدي، وفي الوقت نفسه سعيها إلى توطيد علاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية مع الرباط، خاصة في مجالات الطاقة والأسمدة والمعادن النادرة.
ويشير هذا التوازن الجديد إلى أن روسيا باتت تُدرك أن الرهان على الحل الواقعي – أي مبادرة الحكم الذاتي – هو السبيل الوحيد لضمان الاستقرار في المنطقة وتجنّب تصعيدٍ قد يُعرقل مصالحها في غرب إفريقيا والساحل. كما أن الدبلوماسية المغربية، التي اعتمدت على التنويع الذكي للشراكات شرقاً وغرباً، بدأت تجني ثمار تحركها الهادئ والممنهج في العواصم الكبرى.
المبادرة المغربية، التي وصفها مجلس الأمن مراراً بـ”الجدية وذات المصداقية”، أصبحت اليوم تجد صدىً متزايداً حتى لدى القوى التي كانت سابقاً تلتزم الغموض أو التحفظ، ما يعكس نجاح المغرب في كسب معركة السرد الدبلوماسي وإعادة صياغة القضية ضمن منطق الحلول الواقعية بعيداً عن الشعارات الإيديولوجية القديمة.
فهل يشكّل هذا الموقف الروسي بداية تحوّلٍ استراتيجي يُعيد رسم خريطة المواقف داخل مجلس الأمن؟ أم أنه مجرد اختبار للردود قبل التقدم بخطوة أكثر جرأة؟
في كل الأحوال، فإن المؤشرات تدل على أن موسكو، رغم حذرها، بدأت تقترب أكثر من الرؤية المغربية، إدراكاً منها أن مستقبل المنطقة لن يُبنى على الجمود، بل على الاعتراف بالحلول التي توازن بين الواقعية والسيادة، وهو ما تمثّله بالضبط مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.