أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

بوريطة في موسكو… وحدة التراب المغربي خط أحمر لا يُمَسّ

بوريطة في موسكو… وحدة التراب المغربي خط أحمر لا يُمَسّ

الدار/ مريم حفياني

تؤكد زيارة وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، إلى العاصمة الروسية موسكو أن الدبلوماسية المغربية دخلت مرحلة جديدة من النضج والفعالية، حيث باتت الرباط اليوم تتحرك بثقة على الساحة الدولية دفاعًا عن مصالحها العليا، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، التي تمثل حجر الزاوية في السياسة الخارجية للمملكة.

هذه الزيارة، التي تأتي في ظرف جيوسياسي معقد تشهده الساحة الدولية، ليست مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل رسالة سياسية واضحة مفادها أن المغرب يتعامل بندّية مع القوى الكبرى، ويملك رؤية مستقلة ومتوازنة تجمع بين الواقعية السياسية والحضور الفاعل في موازين القوى العالمية.

فمن موسكو، حيث التقى بوريطة نظيره الروسي سيرغي لافروف، حملت المباحثات مضامين استراتيجية عميقة، إذ أكد الطرفان على أهمية تطوير التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والطاقة والأمن والدفاع، مع التذكير بمواقف موسكو الثابتة الداعمة للحلول السياسية المتوازنة في قضايا النزاع، وفي مقدمتها الملف المغربي المتعلق بالصحراء.

ويُدرك المغرب أن تعزيز شراكاته مع قوى مثل روسيا لا يُعتبر مجرد انفتاح سياسي، بل ركيزة استراتيجية لتعدد التحالفات وتحصين المواقف الوطنية في مواجهة المناورات الإقليمية والدولية، خصوصًا تلك التي تستهدف التشويش على السيادة المغربية في أقاليمه الجنوبية.

تأتي تحركات بوريطة في سياق سياسة خارجية مغربية أكثر براغماتية واستقلالية، حيث يسعى المغرب إلى تنويع شراكاته بعيدًا عن منطق المحاور، مع الحفاظ على توازنه التقليدي في علاقاته مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة، وفتح آفاق جديدة مع قوى صاعدة مثل روسيا والصين من جهة أخرى.

ولعل ما يميز أداء الدبلوماسية المغربية بقيادة بوريطة هو الهدوء والصرامة في المواقف، مقرونان بقدرة واضحة على إقناع الشركاء الدوليين بعدالة الموقف المغربي في قضية الصحراء، التي لم تعد مجرد قضية إقليمية، بل مسألة سيادة ووحدة وطنية غير قابلة للمساومة.

ويُجمع محللون في الشأن الدولي على أن زيارة بوريطة إلى موسكو تُعزّز موقع المغرب كـ قوة دبلوماسية مستقلة وذات تأثير متزايد في إفريقيا والمتوسط، خصوصًا في ظل نجاح الرباط في نسج شبكة علاقات متوازنة مع الشرق والغرب على حد سواء.

إن ناصر بوريطة، الذي بات يُلقب داخل الأوساط الدبلوماسية بـ”مهندس التوازنات الهادئة”، يواصل من موسكو تأكيد أن المغرب لم يعد مجرد متلقٍّ للقرارات الدولية، بل طرف فاعل ومؤثر فيها. فبفضل رؤية الملك محمد السادس القائمة على تنويع الشراكات واستباق التحديات، أصبحت الدبلوماسية المغربية مدرسة في الحضور الهادئ والنتائج الملموسة.

وفي ظل التوترات التي تعرفها الساحة الإفريقية والشرق أوسطية، تُظهر تحركات بوريطة أن المغرب يسعى إلى تعزيز مكانته كوسيط موثوق وشريك مستقر، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى دول تمتلك خطابًا متوازنًا ونهجًا قائمًا على الحوار والتفاهم لا على الاصطفاف الأيديولوجي أو التحالفات المؤقتة.

يمكن القول إن حضور ناصر بوريطة في موسكو لم يكن حدثًا عابرًا، بل محطة دبلوماسية جديدة تعكس تحول المغرب إلى فاعل إقليمي مستقل يمتلك القدرة على الدفاع عن مصالحه بثقة وهدوء في واحدة من أكثر العواصم تأثيرًا في العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى