أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

شبكات التضليل ضد المغرب.. كيف ظهر الدور القطري في حملة إعلامية تقودها الجزائر؟

شبكات التضليل ضد المغرب.. كيف ظهر الدور القطري في حملة إعلامية تقودها الجزائر؟

الدار/ سارة الوكيلي

تحولت منصة X إلى مصدر هزة رقمية غير متوقعة بعد تحديث تقني بسيط كشف مصدر الحسابات التي تقود حملات هجومية ضد المغرب. ما كان يُعتبر مجرد خلاف افتراضي أو تبادل طبيعي للآراء، تحول فجأة إلى ملف سياسي-إعلامي معقّد، بعدما اتضح أن عدداً كبيراً من الحسابات التي تتظاهر بأنها “مغربية غاضبة” أو “شبابية معارضة” تُدار من خارج حدود المملكة، وتحديداً من قطر والجزائر، مع نمط نشر متزامن ومحتوى موحّد يوحي بوجود غرفة عمليات رقمية لا علاقة لها بالنقد ولا بحرية التعبير.

إظهار الموقع الجغرافي لهذه الحسابات قلب المعادلة. فالمحتوى الذي كان يبدو تلقائياً وعفوياً اتضح أنه جزء من حملة رقمية ممنهجة، تستند إلى تكتيكات تضليل، اختراق الرأي العام، وصناعة صورة وهمية عن اضطراب داخلي في المغرب. وعلى الرغم من أن الجزائر تُعد الطرف الأوضح في هذا الصراع الرقمي بحكم الخلفية السياسية والنزاع الطويل حول ملف الصحراء، فإن بروز الحسابات التي تدار من قطر فتح باب أسئلة أكبر حول طبيعة هذا التنسيق، ومستوى انخراط أطراف إقليمية في هذه الحرب الصامتة.

اللافت أن معظم هذه الحسابات تستخدم لهجة مغربية مصطنعة بدقة، تعتمد قوالب لغوية موحدة، وتنشر في توقيت جماعي، ما يطرح احتمال اشتغالها تحت إدارة مركزية أو خوارزمية موحّدة. بعض التقارير التقنية تشير أيضاً إلى تشابه في البنية الرقمية للحسابات، توقيت إنشائها، ودوائر تفاعلها، مما يعزز فرضية أن الأمر لا يتعلق بمجرد أفراد معزولين، بل بشبكة تعمل بمنطق التأثير الاستراتيجي وليس التعبير الحر.

هذا النوع من الهجمات الإعلامية ليس جديداً في العالم؛ فهو امتداد لجيل حديث من “الحروب الباردة الرقمية” التي تلجأ إليها دول أو مجموعات نفوذ لإرباك خصومها عبر التشكيك في المؤسسات، ضرب الثقة الداخلية، أو إضعاف جاذبية النموذج السياسي أمام الخارج. والرهان هنا ليس مجرد نشر معلومة، بل صناعة شعور جماعي زائف مبني على التكرار وليس على الوقائع.

بالنسبة للمغرب، فإن ما كشفته منصة X لا يمثل مجرد فضيحة تقنية، بل لحظة تحوّل حقيقية في فهم طبيعة المواجهة الرقمية التي تُشن ضده. فالمعركة لم تعد مرتبطة بوسائل إعلام كلاسيكية أو مواقف سياسية مفتوحة، بل بشبكات افتراضية تعمل بهويات مزيفة وأهداف استراتيجية غير معلنة.

أما على مستوى قطر، فإن ظهور الحسابات التي تبث محتوى عدائياً من أراضيها لا يعني بالضرورة تورطاً رسمياً للدولة، لكنه يطرح تساؤلات حول الجهة التي تدير هذه العمليات، وأسباب تداخلها مع الأجندة الجزائرية بصورة لافتة. هل يتعلق الأمر بتحالف مصالح؟ أم باستغلال جغرافي-تقني؟ أم بوجود أطراف مستقلة تستخدم الأراضي القطرية كقاعدة عمليات رقمية بعيداً عن الرقابة؟

بغض النظر عن الإجابة الدقيقة، فإن الثابت اليوم هو أن المشهد الإعلامي العربي دخل مرحلة جديدة تُصبح فيها المنصات الرقمية أداة صراع سياسي وليس فقط مساحة تواصل. وكشف مصدر هذه الحسابات ليس نهاية المعركة، بل بداية نقاش أكبر حول الأمن السيبراني، السيادة الإعلامية، ومستقبل إدارة الوعي في عالم تتحكم فيه الخوارزميات أكثر مما تتحكم فيه المؤسسات التقليدية.

زر الذهاب إلى الأعلى