الرأي

هذه أكبر وكالة أسفار في العالم..!

الدار أحمد الخلفي

في كل سنة، يتحرك قرابة أربعة ملايين إفريقي في عملية هجرة ملفوفة بكل أنواع المخاطر، وفي النهاية يقضي الكثيرون منهم حتفهم غرقا أو موتا بمختلف الأشكال، بينما الآخرون إما ينجحون في الوصول إلى مبتغاهم أو يبقوا أسرى في مناطق نزاع خطيرة، وقليلون يضطرون للعودة إلى بلدانهم.

ما يحدث في إفريقيا هو نفسه ما يحدث في قارات أخرى، وخصوصا آسيا وأمريكا اللاتينية، حيث يهاجر الملايين كل عام نحو مناطق يعتبرونها حلا لمشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية. وقبل بضعة أشهر تحركت أعداد قياسية من المهاجرين من أمريكا اللاتينية وتوجهوا، فيما يشبه مسيرة ملحمية، نحو الحدود المكسيكية الأمريكية، وفي النهاية إما اضطروا للعودة أو استقروا في المكسيك، هذا البلد الذي يصدر بدوره أعدادا كبيرة من سكانه نحو الولايات المتحدة الأمريكية.

ومن الهند وباكستان وبلدان آسيوية أخرى يتحرك الملايين من المهاجرين، ليس بالضرورة نحو أوربا وأمريكا، ولكن نحو بلدان آسيوية تحظى ببعض الازدهار والتقدم، غير أن الأمل الأكبر يبقى هو التوجه غربا.

وكالة الأسفار التي تحظى بكل هذا الرواج في تحريك هذا الكم الهائل من المسافرين من الطبيعي أن تعتبر نفسها أكبر وكالة أسفار في العالم، واسمها هو "المافيا"، ورقم معاملاتها يقارب رقم معاملات الشبكات العالمية في تجارة الأسلحة أو تهريب المخدرات.

تتاجر هذه الوكالة في الأرواح البشرية، ولا يهمها إن غرق الآلاف في البحر أو نهشتهم الحروب أو تم استخدامهم كعبيد أو تحولوا إلى عمال جنس أو غير ذلك، فما يهم في النهاية هو أن تقبض هذه الوكالة السعر كاملا قبل الخطوة الأولى، أما ما يأتي بعد ذلك فلا يهم كثيرا.

وفي السنوات الأخيرة تحول البحر الأبيض المتوسط إلى مقبرة جماعية، وأطلقت هذه المافيا سفنا كبيرة تحمل آلاف المهاجرين وتركتهم لمصيرهم في عرض البحر، وهناك هلك كثيرون، بينما تدخلت، في الغالب، وحدات إنقاذ تابعة لحكومات أو لجمعيات غير حكومية وأنقذتهم، لكن المافيا لا تتعب وترسل كل يوم المزيد من السفن الانتحارية وتترك المهاجرين لمصيرهم.

نشاط هذه الوكالة العملاقة لن يتوقف قريبا، فالزبائن يزدادون كل عام مع ازدياد معدلات الفقر والبطالة والفساد واندلاع النزاعات والحروب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر − عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى