الدين والحياة

عبد الرحمن الزعتري يكتب عن العطب الجوهري الذي يكتنف ذاتنا التاريخية

عبد الرحمن الزعتري

هل كتب أحد مثقفي "دراسات مابعد الكولونيالية" الزائفة، عن الأعمال المغربية، أو العُمانية في إفريقيا جنوب الصحراء بحق الزنوج؟ طبعا لا. لماذا سيكتب؟

كيف سيستخدم نظرية لينين في أن الامبريالية نتيجة طبيعية للرأسمالية؟!

ثم لماذا سيكتب عن ذاته التاريخية، وهمه أن يدين فرنسا وأمريكا وأنهما علل نهائية – بزعمه الخاطئ- لمآسي فشل Mena الحديث؟ وأن الرأسمالية هي التي قادتهم إلى هذا الذي فعلوه! وإذا كانت الرأسمالية بهذا الشر فإن الغرب – بصفته رأسماليا – لا يمكنه إلا أن يكون شرا!.

لا ينتبه أحد إلى أن ذاتنا التاريخية يكتنفها عطب جوهري، لم تكن تعاني منه الحضارة الغربية، فكلتاهما قد اقترف من الأعمال ما لا يليق بأحد أن يفخر به:

على أننا لا نجد نصا واحدا في إدانة الاستعباد، أو في الدعوة إلى تحرير العبيد، أو في إدانة الهجوم على شعوب أخرى في أدبيات الحضارة الإسلامية بشقيها الشرقي والغربي، لكننا نجد ما لا يحصى من النصوص عند مثقفي القرن السابع عشر في أمريكا وانجلترا.

وهذا الأمر حري بالتأمل واستنتاج الخلاصات.

هناك ظاهرتان ثقافيتان بشعتان جدا تهيمنان على مشهدنا الثقافي الحديث:

– ظاهرة تقليدانية [ووصفها بالمحافظة خطأ فادح] تحاول أن تثبت أننا الأفضل في التاريخ، وأننا سنكون الأفضل اليوم بصناعة شيء لا مثال له عند أحد غيرنا في العالم [حداثة إسلامية]، والخطر هنا أن هؤلاء يكرسون سلوكا أستاذيا [لدينا فلان مؤسس علم كذا وفلان اكتشف كذا قبل بيكون…] في نفوس شعوب خاسرة على كل الأصعدة حقها أن تقبل بدور التلمذة، ما يضاعف أزمتها بشكل ميؤوس منه، وهؤلاء لهم وجه فلسفي يمثله طه عبد الرحمن، ووجه سياسي يمثله كل هؤلاء الذين يزعمون أن أصول الفقه هو أعظم علم أنتجته الحضارة الإسلامية، فيم تفخر أمم أخرى بالرياضيات!

– ظاهرة يسارية [وإخوانية أيضا] تتخذ من أعداء العقل الغربيين منارات لتفكيك هذا الغرب وإنجازاته من جهة، واتهامه المتواصل بأنه سبب فيما نحن فيه، والإكثار – غير المعقول نهائيا- في تجريد الحضارة المعاصرة من كل فضيلة وأن كل ما فيها شر، وأنه لن يتغير حالنا إلا حينما تغرق القارة الأوروبية في البحر.

والقاسم المشترك بين الطائفتين أنهما معا يعادون الإرادة الحرة [استعارة بلاغية فقط] ! واحد بطلب المُحال، والآخر بانتظار المُحال، وكلاهما يتفقان على مبدأين رئيسيين:

معاداة العقل، ومعاداة العالَم.

أليس طريفا أنهما معا – السلفي وهذا التقدمي الزائف – يبجلان هايدجر وفوكو: أكبر أعداء العالَم الحديث؟!

….

رابط صفحة الباحث عبد الرحمن زعتري على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك":

https://www.facebook.com/abderrahmane.zaatry

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى