نجوم القنوات الدينية.. هل الدعوة إلى الله بريئة؟
الدار/ فاطمة الزهراء أوعزوز
السعي إلى التحصيل المالي، الرغبة في تحقيق الشهرة والنجومية، وكذلك الرغبة في كسب ود كبار السياسيين الذي يحكمون بقبضتهم شؤون العباد والعباد، تعتبر من أبرز الدوافع الماثلة وراء تحريك رجالات الدين الذين يتبنون الدعوة إلى الله، ليس بالتي هي أحسن وإنما بالمقابل، ومن ثم فإن نشر الدين والدعوة لا يكون في الكثير من الأحيان بتلك البراءة والتلقائية التي يقدم بها الداعية نفسه.
الدعوة إلى الله تجارة مربحة لا تبور
كثيرة هي القرائن والدلائل التي تفيد أن الدعوة إلى الله، أصبحت في العصر الحالي من أكثر التجارات المربحة والمدرة للدخل، الأمر الذي يتضح بجلاء من خلال الثروات التي ينمكن وصفها ب"المهمة" والتي تمكن الدعاة من مراكمتها في حقبة وجيزة، خصوصا من خلال الاستعانة بالإعلام الذي رسم القنوات الدينية منابر وأبواق إعلامية لرسائلهم الدينية، التي يحسبها المتلقي بالمجان وفي سبيل الله، بينما هي في سبيل تحقيق الربح المادي بأقل تكلفة ممكنة.
هل الدعوة إلى الله بريئة وتلقائية
ومن ثم يشير الباحثون أن "تجار الدين" أو بالأحرى "نجوم الشاشات الإسلامية، يعتبرون الدعوة إلى الله تجارة لا يخشون كسادها، لأن الدوافع وراء ذلك تكمن في الإغراءات التي يحجبها هذا المجال عن المتلقي، ويجعل الداعية مغمورا في نعمه التي لا تعد ولا تحصى.
في فترة وجيزة، أصبح الدين مشابها ولحد ما للفن والتمثيل، كيف لا وقد ظهرت العديد من الوجوه التي أصبحت مشهورة، يتهافت المسلمون المعجبون بالتقاط الصور معهم، بل أكثر من ذلك والتوسل إليهم قصد الدعاء لهم بالهداية، وأن ينالوا من الآمال ما يخالج صدورهم، الأمر الذي للدين نجوما كما للفن والمسرح والغناء نجوما أيضا، فهل وجد الدين لله أم لغير الله؟.
هل الدعوة إلى الله أصبحت تجارة مأجورة؟
يحتد النقاش أكثر، حينما تطالع الكبت التفسيرية وكذلك الكتب المقدسة، لتدرك أن الدعوة إلى الله هي من اختصاص الأنبياء فقط، و قال الباحث في الفكر الإسلامي في هذا السياق في تصريح خاص لموقع الدار إن عهدها ينقضي بانتفائهم، الأمر الذي يسلط الضوء على موضوع الدعاة الذين ربما وجدوا المجال فارغا فأضحوا يمارسون نوعا من التجارة المأجورة التي يكسبون من خلالها أموالا مهمة، حيث تتعدد الصيغ التي يعمدون من خلالها بمراكمة ثرواتهم هذه.
وأشار إلى خطورة الدعوة المأجورة، التي تتعاظم بالنظر إلى الخفايا المرتبطة بها وهي تلك المتعلقة بإيهام الناس بمفهوم"البركة والتبرك بالأهل الصالحين"، "الاعتقاد الجازم بتمتع هؤلاء الدعاة بالكرامات"، وأيضا العمل على استغلال الدين في تحصيل المطامع السياسية والأرباح الدنيوية، وفي الأمر خطورة كبيرة لما تحتمله من تمويه للرأي العام واستغلال مشاعر الناس، التي يصبح فيها الجهل أحيانا العامل المحرك لهذه الظاهرة.
يحثون على الزهد…وهم ينعمون في ما طاب من ملذاتها
كما أضاف الباحث في هذا الصدد أنه منذ زمن بعيد ارتبطت صورة الداعية في المخيال الشعبي، بصورة مغلوطة، وهي التي تختزله في ذاك الرجل البسيط الذي لا حول له ولا قوة، والذي غالبا ما يتصف بالورع والزهد والانصراف عن ملذات الحياة الدينا، بعدما عمر قلبه بحب الله ولقاء الرفيق الأعلى، غير أنه وبفضل بعد الدراسات والتحقيقات التي باشرتها المجلات الأوربية في هذا الشأن، تبين أن هذه الصورة هي صورة مغلوطة ورجل الدين اليوم، والأمر يخص هنا على وجه الخصوص نجوم الشاشة، ليتبين أنهم يملكون ثروات خيالية، بل وتسمح لهم أنفسهم بالظهور على الشاشة في محاولة لإقناع الناس بالقناعة والعيش على الثمر والماء كشكل من أشكال التواضع والخضوع لأمر الله، في الحين الذي تكشف عقودهم المبرمة مع القنوات الإسلامية المبالغ المالية الخيالة، التي صرفت على شعوب نال منها الفقر لوضعت حدا للعديد من المآسي الإنسانية.
الجهل يمدهم بالقوة
ويرجع الفضل في إماطة اللثام عن هذه المغالطات، إلى مجموعة من المجلات المتخصصة في عالم المال والثروات، والتي تعنى بتدارس الأموال التي يراكمها النجوم في جميع المجالات بما فيها الدعوة إلى الله، اعتبارا لكونها التجارة التي لا تبور والتي تعيش على الانتعاش من العقول الضعيفة، التي يطالها الجهل بثوابت الدين، خصوصا وأن الدعاوى التي يترأسها هؤلاء النجوم تنطلي بالدرجة الأولى على فئة معينة من الناس، غالبا ما يفتقرون للوعي الكفيل بتحقيق الفهم اللازم للدين.