الدين والحياة

لماذا يحرّم الوهابيون الاحتفال بالمولد النبوي؟

مع اقتراب عيد المولد النبوي يتجدد نقاش في الأوساط الشعبية بين من يعتبره "عيدا" ومن يراه "مجرد ذكرى" وأنه "لا يجوز الاحتفال بها"، وهو النقاش الذي يُرجعه البعض إلى بداية تغلغل الفكر الوهابي الذي صار يناقش مواضيع وعادات اجتماعية بمفاهيم "البدعة" و"المحدث من الأمر".
فلماذا يحرم السلفيون الاحتفال بمولد النبي؟ وهل هناك أي مانع شرعي للاحتفال بهذه المناسبة؟

منطق تحريم الفرح

بالنسبة للباحث في الدراسات الإسلامية، محمد عبد الوهاب رفيقي، فإن الأمر مرتبط بمنطق لدى السلفيين يقوم على تحريم الفرح بكل أشكاله.
"بغض النظر عن الحيثيات التاريخية الملتبسة بالموضوع" فإن ما يذهب إليه السلفيون في تحريم الاحتفاء بمثل هذا اليوم، حسب رأي رفيقي "يدخل في إطار منطقهم الدائم في تحريم كل فرح وكل العادات والأعراف التي اعتاد الناس أن يفرحوا فيها".
ويتابع المتحدث تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مبرزا أن "المشكلة تكمن في تعامل تيار معين مع ظاهرة الفرح والسرور"، ذلك أن "التحريم الذي يغلب على العقل السلفي ومنطق الخصومة مع الحياة الذي يغلب عليهم" هو الذي يجعلهم، حسب رأيه "يقفون هذه المواقف المصادمة لعادات الناس وأعرافهم وما تعودوا عليه من أمور جميلة يستحسن تشجيعها وتأييدها لا الوقوف ضدها" على حد تعبيره.
ويوضح المتحدث أن "هذا موقف تيار فقط" وإلا فإن "جميع التيارات الأخرى التي تنبع من مرجعية دينية ولديها أدلتها فهي بالعكس تشجع على هذا الأمر"، مردفا أن "هذا اختيار للمدرسة السلفية الوهابية التي أصلا يغلب عليها تحريم كل شيء وليس عيد المولد فقط".
وحسب رفيقي فإن "الناس اتخذوا هذا اليوم عادة لإبداء الفرح والسرور والاحتفاء بمناسبة دينية مهمة"، ومن ثمة يؤكد أن "من المفروض ألا يدقق في هذا الأمر وأن يترك الناس يفرحون كما يشاؤون ويستغلون هذه المناسبة لتبادل الزيارات العائلية ولإضفاء جو مختلف".

المقصود من الاحتفال

بدوره ينفي رئيس المجلس العلمي المحلي بالناظور، ميمون بريسول، أن يكون هناك سند شرعي لتحريم الاحتفال بذكرى المولد النبوي.
ويوضح المتحدث في تصريحه لـ"أصوات مغاربية" أن "المسلمين احتفلوا بعيد المولد النبوي الشريف منذ القديم" مردفا أن هذا الاحتفال هو "من أجل إظهار وإبراز مكانة هذا النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أمته وفي نفوس المسلمين والمسلمات".
بريسول يتابع موضحا أن "معنى الاحتفال هو الاهتمام"، ومن ثمة يقول "نحن حين نحتفل بذكرى ميلاد المصطفى عليه الصلاة والسلام إنما نريد أن نلفت نظر الناس لأن يهتموا بهذا الرجل، بسيرته وسنته وحديثه وشريعته وبكل ما جاء به" مردفا أن هذا هو المقصود والهدف من الاحتفال بهذه المناسبة ومن ثمة "أصبح هذا الاحتفال اليوم واجبا وليس من باب الترف".
ويستحضر المتحدث ضمن تصريحه مجموعة من الآيات، من بينها الآية التي تقول "وذكرهم بأيام الله"، قبل أن يردف موضحا أن "خير الأيام التي يمكن أن نُذكّر بها هي ميلاد المصطفى".
وفي الوقت الذي يستدل البعض بحديث نبوي يشير إلى عيدين، هما الفطر والأضحى، يؤكد بريسول أن المقصود من ذلك الحديث "ليس الحصر".
ويتابع موضحا أن للمسلمين عدة أيام تعتبر بمثابة أعياد، مشيرا إلى بعضها بالقول "فيوم الجمعة عيد أسبوعي نحتفل به ونعظمه، ورمضان أيضا يمكن اعتباره عيدا، وعاشوراء يعتبر عيدا".

في السياق نفسه يشير المتحدث إلى الأعياد الوطنية، بقوله "اليوم لنا أعياد أخرى نحتفل بها تسمى أعيادا وطنية" مردفا أنها "مرتبطة ارتباطا كبيرا بالأعياد الدينية".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + 13 =

زر الذهاب إلى الأعلى