المواطن

الحرب العالمية الأولى.. ذكرى أبطال مغاربة منسيون في مقابر أوربا

الدار/ فاطمة الزهراء أوعزوز

في مثل هذا اليوم الموافق ل 11 من شهر نونبر 1918، انتهت الحرب العالمية الأولى، بعدما حصدت العديد من الأرواح وخلفت الخسائر البشرية كما الاقتصادية، إلا أن المتصفح لسجلات التاريخ يدرك حتما أن هذه النهاية لم تكن شاملة، خصوصا وأنها اقتصرت فقط على إنهاء الحرب التي وضعت أوزارها غير أنها هيأت الأرضية لانبثاق العديد من التحديات الأخرى، من قبيل ظهور هتلر الذي دشن عهدا جديدا من المعاناة الإنسانية التي شرعت الباب بمصراعيه على ألمانيا على وجه الخصوص.

كثيرة هي التداعيات التي طالت ألمانيا بعدما كانت الحرب على مقربة من نهايتها، وقبل أن يتم التوصل إلى توقيع عقد الهدنة والسلام، خصوصا وأن انتهاء الحرب العالمية الأولى في هذا اليوم من سنة 1918، لم يعني أبدا أن المعاناة الإنسانية قد توقفت إلا بعد الدخول في العديد من المشاورات التي دشنها الألمان بعد محاولات كثيرة من الظفر في الحرب.

اليوم وقد مر قرن على الحرب العالمية الأولى، جذير بالذكر الإشارة إلى الجنود المغاربة هم الخزان العسكري، الذي اعتد به القائد الفرنسي، وكان وسببه الأساسية في تطعيم جيشه الذي شارك في هذه الحرب التي تم اعتبارها الحرب التي ستنهي جميع الحروب، ومن ثم ستضع حدا للويلات الإنسانية، وكان المغرب حينها تحت الحماية الفرنسية.

إن المطلع على العدد الكبير للجنود المغاربة، الذين ساهموا في هذه الحرب يدرك أنه وحسب العديد من المصادر يفوق 45 ألف جنديا مغربيا،وهو الأمر الذي يدل على أن للشعب المغربي فضل في إنهاء العديد من الويلات الإنسانية التي كانت تجهز على الإنسان، بغض النظر عن ديانته أو عرقه أو توجهاته السياسية، خصوصا وأن الجنود المغاربة شهد لهم بالبسالة والإقدام على المواجهة، حيث الثمن هو التضحية بالحياة، غير أنه وكما ورد في حديث العديد من الخبراء في التاريخ، فإن هؤلاء الجنود المغاربة أبطال بالفعل إلا أنهم أبطال بغير مجد يذكر.

وتعود هذه الشهادة إلى جسامة التضحيات التي قدمها المغرب في هذه الحرب، خصوصا وأن أكبر عدد من الخسائر في صفوف الجنود القتلى والمفقودون في الأراضي الفرنسية غداة الحرب العالمية الأولى، هم من جنسيات مغربية.

وتشير المعطيات التاريخية، إلى أن هذه الحرب تعتبر واحدة من ضمن أبرز المحطات التاريخية البارزة في العلاقة الثنائية الرابطة بين المغرب وفرنسا، باعتبار أن العدد الكبير للجنود الذين يشهد بهم الفضل في إنجاح الحرب هم الجنود المغاربة، حيث وبلغ عددهم 45 ألف جندي، أظهروا قدراً كبيراً من الشجاعة في كل المعارك، خصوصاً معركة لامارن في 5 سبتمبر 1914، وهجمات أرتوا وشامبان، ومعركة فردان، وغيرها من المعارك التي أسفرت عن تحرير التراب الفرنسي".

إن دل هذا الأمر على شيئ، فإنه يدل حتما على أن التضحيات الجسيمة كانت تلقى بالدرجة الأولى على عاتق الجنود المغاربة، خصوصا وأنهم كانوا يتصدرون ناصية الحروب، فيقفون في الصفوف الأولى لتلقي الضربات القاتلة التي صدت الموت والدمار على العديد من الدول والأعراق الإنسانية، ما جعل منهم اليوم أبطالا تكتفي أسرهم بالعيش على ذكراهم فحصب دونما أي مجد يعيد لهم الاعتبار أو يقيم لهم تقديرا يذكر. أكثر من ذلك فقليلة هي بل نادرة الكتابات المدرجة في التاريخ الفرنسي، والتي تكون حاملة لهذه الحقائق التي وجب عليها تكن اعتبارا بهؤلاء الجنود، الذين تركوا ورائهم الأسر والعائلات في سبيل المشاركة في الحرب العالمية الأولى التي حررت الأرض الفرنسية لكت على أيادي جنود مغاربة.

أكثر من ذلك فإن القصص الإنسانية التي تخص هؤلاء الجنود، تعتبر انعكاسا مرآويا للعديد من المحطات التاريخية البارزة، والحافلة بالمعطيات والمستجدات غير أنه وبسبب انعدام القدرة على القراءة والكتابة التي كانت تطال معظم الجنود، لم يتم تدوين مغامراتهم الشفهية، وهو الأمر الذي يعتبره المتابعون لهذا الشأن بمثابة الخسارة التي تنطلي على شعب بأكمله، إنه الشعب المغربي، وفي السياق ذاته ومن الجهة الحقوقية، فإن هؤلاء الجنود لم ينالوا حقهم من قبل المنظمات الحقوقية التي ترعى حماية حقوق الإنسان، فبعدما حررت الأراضي المحتلة، وتوقفت الأزمات اللإنسانية، قدم الجنود المغاربة حياتهم قربانا لغادروا العالم في صمت وبدون ذكرى.

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 + خمسة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى