الدار- خاص
يحتفل المغرب يوم 14 يناير الجاري، برأس السنة الأمازيغية أو ما يعرف بـ”ايخف أوسكاس”، ودخول عام 2972، وسط تجدد مطالب الحركات والجمعيات الأمازيغية بإقرار هذا العيد، عطلة مدفوعة الأجر بالبلاد.
ويحيل رأس السنة الأمازيغية “ايخف ن اسكاس” على استشراف الأمازيغ لسنة معطاء، متجددة، ومنفتحة على مستقبل مشرق، فيما تشير المصادر التاريخية التي تناولت الموضوع الى أن هذا التقليد الضارب في القدم يرتبط بانتصار الملك الأمازيغي شيشونك على الفراعنة في عهد رمسيس الثاني في دفاع مستميت عن الأرض الامازيغية ضد الغزو الأجنبي، ولهذا أضحى الاحتفال بـ”ايخف أسكاس”، مرتبطا في وجدان الأمازيغ بالأرض و تكريمها، و مرتبط أيضا بالتقويم الفلاحي وبفصول العام.
وخلال الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية، يتم تنظيم فعاليات ثقافية مختلفة يرتبط أغلبها بالفلاحة والمواسم الفلاحية، كما تشمل الاحتفالات أيضا محاضرات وأنشطة أكاديمية علمية مختلفة تهدف إلى التعريف بالحضارة الأمازيغية وتاريخها وتناقش أيضا القضايا المتعلّقة بالأمازيغ و وثقافتهم ومكانتها في مجتمعاتهم، والمطالب التي يتوقون الى تنفيذها.
ومع قرب الاحتفال بهذه السنة، تنتشر صور الأطعمة، و الأزياء الأمازيغية، على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، حيث ينشر المحتفلون بـ “ينّاير” صورا للاحتفالات في عائلاتهم ومناطقهم تبيّن طقوس الاحتفال المتنوّعة والمختلفة من منطقة إلى أخرى، وهو ما يعكس تنوع، وثراء الثقافة المغربية المتعددة الروافد.
وفي هذا الصدد، يؤكد الباحث في الثقافة الأمازيغية، الأستاذ الحسين آيت باحسين، أنه ” اعتمادا على بحوث ميدانية في مختلف مناطق المغرب تأكد لنا أن “ئض ن ؤسكًّاس أماينو” يوافق منتصف ما يسمى في “التقويم الفلاحي الأمازيغي” ب “ليالي مقّورن” أي “ليالي لكبيرة” والتي تبدأ يوم 25 دجنبر “الميلادي- الكَريكَوري” وتدوم 40 يوما وتسمى “ليالي لكبيرة” مقارنة ب “ليالي حيان” أو “ليالي صغيرة” التي تدوم 7 ليال و7 أيام.
وأضاف الأستاذ الحسين آيت باحسين في تصريح حصري لموقع “الدار”، أنه ” استنادا الى البحوث التي تم القيام بها يعتبر “يوم 14 يناير الميلادي – الكَريكَوري” هو فاتح السنة الأمازيغية و”ليلة 13 من يناير الميلادي – الكَريكَوري” هي “ليلة رأس السنة الأمازيغية”.
وأشار الباحث في الثقافة الأمازيغية الى أن ” الاحتفال بليلة السنة الأمازيغية من طرف البعض ليلة 11 أو ليلة 12 أو ليلة 13 من يناير الميلادي – الكَريكَوري، يعود إلى كون مدة الاحتفال في الأصل كانت تدوم من 3 أيام إلى سبعة أيام (بحيث يدوم الاحتفال 3 أو 4 أو 5 أو 7 أيام)، بحسب ما تمت معاينته من قبل الباحثين في مختلف الفترات التاريخية وحسب المناطق ووفق الإمكانيات البيئية والأسرية في تمديد الاحتفال إلى 7 أو 5 أو 4 أو 3 أيام للقيام بكل الطقوس التي تستلزمها المناسبة”.
وأبرز الأستاذ الحسين آيت باحسين أن “الاحتفال الشعبي” يطلق عليه “احتفال رأس السنة الأمازيغية”، تتقاسمه كل بلدان شمال إفريقيا (من سيوا إلى المغرب)، ويتقاسمه الناطقون بالأمازيغية وغير الناطقين بها، كما تتقاسمه كل مناطق المغرب.
وأشار ذات المتحدث الى أن ” الأسماء تتعدد بتعدد المناطق التي تحتفل برأس السنة الأمازيغية، ففي بعض المناطق المغربية يسمى الاحتفال بالمناسبة: “ئض ن ئنّاير” أو “ئض ن ؤسكًّاس”، وفي مناطق أخرى يطلق عليه “حاكًّوزا” أو “لحوادس”؛ وفي القبايل الجزائرية يطلق عليه «تاكًّورت ن ؤسكًّاس» أو «تابّورت ن ؤسكًّاس».
من جهة أخرى، أبرز الأستاذ الحسين آيت باحسين أن “الدلالات الرمزية للاحتفال برأس السنة الأمازيغية تتمثل في كون هذا الاحتفال تجسيد للارتباط والاهتمام بالبيئة، لأن الطقوس كلها موجهة نحو الطبيعة ونحو البيئة، وما يرتبط بها من تحولات وتغيرات ومن أشغال فلاحية، ومن علاقة بما نعيش في وسطه، وهو ما يبين “أهمية علاقة الإنسان بالطبيعة وبالبيئة”، يورد الباحث في الثقافة الأمازيغية.
كما أن الدلالة الثانية، يؤكد الأستاذ الحسين آيت باحسين، تتمثل في كون الطقوس التغذوية تأخذ بعين الاعتبار الفترة الزمنية من السنة الفلاحية وما يوجد في هذه الفترة من السنة الفلاحية أي ما يتبقى من مواد غذائية في عز فصل الشتاء، والتي تشكل قلة قليلة، وكذا ما يوجد في كل منطقة من مناطق الاحتفال بالمناسبة”، مشددا على أن ” الاحتفال برأس السنة الأمازيغية لا يعلمنا فقط كيف ينبغي أن تكون علاقتنا مع البيئة وإنما يعلمنا أيضا ثقافة تدبير القلة، إلى غير ذلك من المسائل الرمزية التي يمكن أن نستنبطها من كل تلك الطقوس التي تقام احتفاء بهذه المناسبة”.