الرياضة

لقجع.. بركاني ثائر في هدوء

الرباط/ صلاح الكومري

لا يحبذ الظهور كثيرا في وسائل الإعلام، مهما تعرض لانتقاد، ومهما رُمي بسهام الريبة وأباطيل الغواة، يدير لهم ظهره، ويلتفت إليهم متعال من عليِّه، يدرك أن رده، مهما كانت قسوته عليهم، يشفي غليلهم ويطفئ نار حرقتهم، لكن حين يتعلق الأمر بالدفاع عن مصلحة الوطن، يخرج، على غير عادته، بارزا مخالبه، مكشرا أنيابه، متهيئا لرد الصاع صاعين، مؤمنا بأن "البادئ أظلم".

أخيرا، فاجأ لقجع الكثيرين وهو يرد بصرامة هادئة، ورصانة ثابتة، وحصافة وحزم، على مرتضى منصور، رئيس الزمالك المصري، يخاطبه باستعلاء منقح بحمية "قبلية" بركانية، قائلا: "أنا لا أعرف من يكون مرتضى منصور هذا"، مضيفا بأنفة وترفع غير خاف على طباع المغاربة "الأحرار": "نحن لا نقبل الدروس من أحد.. لا من مرتضى منصور ولا من غيره".

معارضوه يروه سلطويا، متجبرا، متحجرا، مستبدا، يحكّم قراراته حتى وإن زاغت عن الصواب، ويتحينون نصف الفرصة ليرموا عليه شباك الصيد في الماء العكر، وموالوه يعددون أفضاله وخصاله ونضاله في إسقاط نظام حكم الهواية وإقامة نظام احترافي مستقل، أما المحايدون، واللامنتمون، فيرفعون له القبعة احتراما وتقديرا وينظرون له، بعين الريبة أحيانا، وبعين الرضا أحيانا أخرى.

بالتأكيد لم يكن ابن مدينة بركان يدري أن الظروف ستمهد الطريق أمامه لتسلق الدرجة تلوى الأخرى في مساره المهني، بداية من وزارة الفلاحة، والمفتشية العامة للمالية، ثم رئيس شعبة المجالات الإدارية سنة 2000، ثم مديرا لميزانية الدولة التابعة لوزارة المالية، وعضوا في المكتب المسير لنهضة بركان، ونائبا للرئيس، ثم رئيسا للفريق، ورئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إلى إن بلغ ولج المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي "كاف"، حتى أصبح نائبا ثالثا للرئيس، وعضوا في لجنة "الحوكمة" في الاتحاد الدولي "فيفا".

وهو يتحدث، واثقا، بكاريزما حازمة، يحب لقجع الغوص في صلب الموضوع مباشرة، بكلمات وحروف واضحة المعاني والمرامي، بخامة صوتية حادة، ومخارج حروف بارزة، يبدو هادئا وثائرا، في الآن ذاته، مطمئنا مادام القانون دستوره الأول، يمشي على نوره صراطا مستقيما، مثل جندي يقف منصب القامة، يؤدي التحية العسكرية لعلم بلاده.

يقول محمد مقروف، أحد المقربين من فوزي لقجع، إن الأخير "يمتاز بخصال الرجال الأوفياء"، وأنه "ليس من هواة ازدواجية الخطاب"، مضيفا: "لا أعرفه إلا صادقا في كلمته، حازما في رأيه وقراراته، لا يبدو عليه الغضب حين يكون غاضبا، كما لا تبدو عليه السعادة حين يكون سعيدا، إنه من النوع الذي عركته الحياة، فخبر دروبها، فلم يعد يعير نوائبها اهتماما".

يحسب لفوزي لقجع، الذي نشأ وسط أسرة محافظة، وسط ثلاث إخوة، أنه خلال فترة رئاسته لجامعة الكرة، وولوجه الاتحاد الإفريقي، أصبح للكرة المغربية صيت في القارة بعدما كانت مغلوبة على أمرها زهاء عشرين سنة، وارتقت منصات التتويج بعدما كانت تغادر المنافسات من أدوارها الأولى، كما يحسب له ربط صلة "الرحم" مع عشرات الدول الإفريقية، كان التواصل معها شبه منعدم، إذ وقع معها اتفاقيات شراكة وتعاون في إطار عودة المملكة لمكانتها الإفريقية.

رغم ما بلغه في مساره المهني، ورغم التزاماته العديدة، لا يسمح لقجع لذاته بأن تفر منه هاربة، ولا يسمح لنفسه الأمارة اقتياده في قطار حياته، يحرص على البقاء بارا بأصله وانتمائه، يعود بين الفينة والأخرى لحيه القديم لربط صلة الرحم مع الأهل والأقارب، ولشرب شاي بركاني مع الكادحين من أبناء حيه، يذكرهم بأيام الصبا والشباب، يخبرهم "هرمت، فدروا إلي نجوم الطفولة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − 6 =

زر الذهاب إلى الأعلى