المواطن

بصمات فضالية.. الحلقة الـ21 مع اللاعب الدولي السابق طارق شهاب

الدار/ إعداد: بوشعيب حمراوي

لكل مدينة وقرية رائدات ورواد، بصموا بمعادن نفيسة في سجلات تاريخها الحضاري. ساهم كل من زاويته وتخصصه في نهضتها وتطورها في كل المجالات.. 

مدينة الفضاليين.. ومشتل قبائل المجدبة وزناتة والشاوية.. واحدة من تلك المدن التي تحتفظ بأرشيف ثقيل ووازن يستحق الذكر والتذكير والإشادة.. مدينة حظيت باسم ملكي (المحمدية)، نسبة إلى الملك الراحل محمد الخامس.. واستحقت في فترات من صيرورتها أن تلقب بمدينة الزهور والرياضات الأنيقة. بفضل نساءها ورجالها المبدعين، المكافحين. 

نسعى من وراء سلسلة (بصمات فضالية)، أن نسلط الضوء على هؤلاء وأولئك الذين واظبوا على إشعاع نور الأمل والتحدي والمثابرة بالمدينة. شخصيات محلية تألقت في مجالات متعددة محليا ووطنيا ودوليا.

نجوم فضالية برزت في كل مناحي الحياة.. كانت القدوة والقائد والنموذج التنموي المفروض أن يحتذي به الأطفال والشباب.. وسيكون لمآثر ومعالم ورموز المحمدية نصيب من هذه السلسلة.. حيث الحديث عن قصص مثابرة وتحدي وكفاح ونجاح وتميز وصمود … تشهد بها المدينة وسكانها وكل الوطن..

اللاعب (الجوكير) الذي شغل كل المواقع ونجا من الشلل

بصم الفضالي طارق شهاب على مسيرة كروية حافلة بالعطاء داخل ناديه شباب المحمدية، والمنتخب المغربي، ومجموعة من الأندية السويسرية. فاللاعب الذي عاد من فراش العجز والموت الرياضي، إلى إنعاش العشب الأخضر وطنيا ودوليا. شكل الاستثناء بصموده وكفاحه، وتحديه لعجز دام عدة أشهر،  وكاد أن ينهي مساره الرياضي وربما حياته البشرية. كما شكل الاستثناء بتمكنه من لعب دور (الجوكير)، وتمكنه من شغل عدة مواقع من رقعة الملعب بتقنيات عالية وتفان لا حدود له. حيث كان بإمكان المدربين أن يستعينوا به في سد كل ثغرات فرقهم. بلاعب تعلم كيف يبدع في الدفاع والهجوم والزوايا والوسط.. لاعب يؤمن بالعمل الجماعي، والتضحية والقتالية من أجل نشوة الفوز وفرحة الجماهير.   

بداية مسار العشق الكروي 

ولد طارق شهاب يوم 22 نونبر 1975 . عشق كرة القدم، فأدمن على ممارستها بين أحضان أحياء وأزقة وشوارع مدينة المحمدية، وشواطئها. حيث وجد الأيادي البيضاء، التي ساعدته في تعلم أبجدياتها، وصقل مواهبه. يعود الفضل لاحترافه كرة القدم، لمدربه الراحل الذي كان معروفا بـ(مويسة)، والذي كان صارم في برامجه وتدريباته. وإصراره على أن يجعل من طارق لاعبا لكل المواقع، بلياقة بدنية عالية. وأخلاق راقية. قال طارق إن فترة تدريبه من طرف مدربه الراحل، ظلت راسخة في ذهنه. وأن الفضل يعود إليه، في تألقه في كرة القدم. فقد كان مدربا وأبا نصوحا. . يحكي طارق أن مدربة الراحل كان يتعمد أن يجعله يلعب بعدة مواقع داخل المعلب. بل كان يدفعه إلى تغيير موقعه، عدة مرات، أثناء مشاركته في مباراة واحدة. وأنه كان يقول له، بأن إتقان اللعب بعدة مواقع برقعة الملعب، يجعله أوفر خطا للانتقال إلى ناد محترف وطنيا أو دوليا. وبأن إصرار مدربه، كان له الأثر العميق في مساره الكروي. حيث تمكن فيما بعد خوض غمار الاحتراف إلى اللعب بحوالي عشر مواقع في مباراة واحدة بأوروبا.

كما يعود الفضل لأستاذه لمادة التربية البدنية الأستاذ عبد المجيد بوهشانة المعروف بـ(الشان)، وهو لاعب سابق بنادي شباب المحمدية. والذي جلبه إلى النادي العريق، حيث انطلقت مسيرته الرسمية. ضمن الفئات الصغرى التي تدرج فيها إلى أن التحق بالفريق الأول للنادي سنة 1995.

معاناة مع التنقل ما بين المنزل والتدريب والتدريس

عانى طارق في طفولتهن مع إكراهات التنقل ما بين الثلاثي (الملعب، المدرسة، المنزل). فالمسافة التي كانت تربط منزل أسرته، وملعب التداريب تقارب خمس كلمترات. وكان يقضيها  راجلا. كما كان عليه ألا يتأخر أو يغيب عن الدراسة. مما جعله يحاول جاهدا أن يوفق بين الأماكن الثلاث. لم ينف طارق أنه كان يتعذر عليه في بعض الفترات، أن يتناول وجبة الغذاء. وكان يقصد المدرسة وهو جائع. كما كان يجد صعوبة في الاستحمام بعد العودة من التداريب. ويضطر للذهاب إلى المدرسة والعرق يتصبب من مختلف جسمه.

بداية الاحتراف

لعب طارق شهاب ضمن نادي شباب المحمدية لمدة ست سنوات في الفترة ما بين سنتي 1994 و2001. بعدها لعب ثلاث سنوات ونصف ضمن فريق إيف سي زيوريخ  في الفترة ما بين سنتي 2001 و2004. كما لعب سنتان لفريق جي سي زييوريخ  في الفترة ما بين 2004 و2006. ولعب موسم 2006/2007 مع إيف سي سيون. كما لعب موسمين مع نادي نيوشاتل كساماس ما بين 3007 و2009. وعاد لمجاورة نادي إيف سي سيون،موسم 2009/2010. بعدها أعتزل ممارسة كرة القدم وعاد إلى أرض الوطن، مع سجل رياضي متميز. ورصيد مالي كاف لتدبير مصاريف الأسرة حيث الزوجة وثلاثة أطفال.

نهاية مسار الممارسة وبداية مسار التدريب

بعد اعتزال،عمل طارق مؤطرا مكلفا بجلب اللاعبين لدى نفس النادي إيف سي سيون. وكان دائم التكوين والتكوين المستمر، حيث حصل على مجموعة من الشواهد والدبلومات، مكنته من ولوج عالم التأطير والتدريب من بابيهما الواسعين. حيث عمل مدير تقني  منذ غشت 2011 بنادي ساكسون سبور. كما يعمل مدرب مكون  سويسرا لمنتخبات   (U11-U12-U13-U14 (. 

رصيد غني من الشواهد والدبلومات الوطنية والدولية

تضم  مكتبة طارق شهاب بالإضافة إلى رصيده كلاعب دولي محترف ومدير تقني ومدرب مكون. مجموعة من الشواهد والدبلومات التي أهلته لمزاولة تلك المهام. وولوج الحياة العامة بكل تجلياتها.فهو حاصل على  دبلوم  في كهرباء الصيانة والبناء سنة 1993. وحاصل على دبلوم مكون في مجال كرة القدم  الخاصة بالأطفال سنة 2008.  كما حصل على دبلوم مدرب لكرة القدم الفئة سين  سنة 2010.  والفئة باء للاتحاد الأوربي لكرة القدم. بسويسرا سنة 2012. كما حصل على دبلوم مدرب فئة باء زائد بسويسرا سنة 2013. ودبلوم مدرب على طريقة (كوريفير) سنة 2015. ودبلوم  مدرب فئة باء  للاتحاد الافريقي لكرة القدم. والجامعة الملكية المغربية سنة 2017. ودبلوم  مدير الرياضة بالمغرب، تخصص   (FMF-CDES-OFPPT) سنة 2018. 

نجا بأعجوبة بعد عجز وابتعاد دام تسعة أشهر

أصيب اللاعب الدولي طارق شهاب،خلال مباراة. شارك فيها  سنة 1997/ 1996. بعد سنتين من الممارسة كمحترفة. وكانت الإصابة جد عنيفة. وعلى مستوى الظهر، أضطرر معها  إلى إجراء عملية جراحية كان يمكن أن توقف مساره الكروي. 

قال إن المدرب بادو الزاكي، تأكد أن طارق لن يقوم من جديد، وأنهى مساره كلاعب كرة القدم.  وقرر فتح مجال التدريب. وأن هناك شخصيات دعمته وساندته. 

عاد للملاعب الرياضية بعد الإصابة                 

مكث طريح الفراش لحوالي ثلاثة أشهر دون أدنى حراك، إلى حان موعد إجراء عملية جراحية دقيقة. حيث أجرين العملية بنجاح. واستمر بعدها لعدة أشهر خاضعا للعلاج والنقاهة. إلى ان استعاد عافيته كاملة. وعاد  للملاعب الرياضية  من أبوابها الواسعة. 

بداية الاحتراف بالديار السويسرية

وصل صيت وبريق اللاعب الدولي مدربي اندية سويسرية. لتتم المناداة عليه من أجل التحاق بالديار الأوربية. وكان حينها لازال يصارع شبح الإصابة. ولو أنه شفي منها تماما. اجتاز الاختبارات التقنية والطبية والنفسية. والتحق في أول تجربة احترافية بالملاعب السويسرية. حيث أبدع فأقنع لمدة حوالي عقد من الزمن. قبل أن ينهي مساره الاحتراف ويقرر الاعتزال وهو في سن الـ35.

تجربة المنتخب الوطني

يحكي طارق عن تجربته داخل المنتخب الوطني. حيث انطلقت لاختياره رفقة الدولي البخاري، سنة 2001، من طرف المدرب البرتغالي (كويلهو). في معسكر تدريبي بهولندا  شارك فيه 36 لاعب دولي مغربي. 

شارك في إقصائيات بطولة أمم أفريقيا بمالي لسنة 2002، وكذا في بطولة أفريقيا لسنة 2005 بتونس. حيث خسر المغرب المباراة النهائية أمام البلد المضيف بهدفين لهدف واحد، وجاور طارق المدربان البرتغالي (كويلهو) والمغرب بادو الزاكي. هذا الأخير الذي دربه لحوالي أربع سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 + 13 =

زر الذهاب إلى الأعلى