فرنسا تشهر ورقة “الابتزاز” في وجه المغرب للتغطية على ازدواجية مواقفها في قضية الصحراء
الدار- تحليل
بخلاف ما يدعيه جيرارد أرود، السفير الفرنسي السابق المعتمد لدى الأمم المتحدة، من “ابتزاز ” المغرب لفرنسا في قضية الصحراء، فإن باريس تتحمل مسؤولية كبيرة في قضية الصحراء المغربية، حيث سهلت الاستعمار الإسباني للأقاليم الجنوبية.
ويبدو أن السفير الفرنسي تناسى أن بلاده هي التي نزلت بكل ثقلها في محاولة للي ذراع المغرب؛ و ابتزازه من خلال حرمان آلاف المغاربة من التأشيرات ضدا على المصالح المغربية، و خاصة قضية الصحراء المغربية.
ادعاء جيرارد أرود بأن فرنسا كانت لعقود تدافع لوحدها عن المغرب بمجلس الأمن، كلام مردود عليه لأن بلاده هي التي ظلت لعقود تستفيد من خلال الاستثمارات أو الصفقات الاقتصادية الكبرى مع المملكة.
فرنسا بمواقفها المناوئة لمصالح المغرب؛ تسببت في جمود دبلوماسي؛ و ذلك على خلفية مواقفها الضبابية من قضية الصحراء المغربية و التوظيف الفرنسي للمؤسسات الأوروبية” للتحريض ضد الوحدة الترابية و المكتسبات المغربية في مجال حقوق الإنسان.
و إذا كانت فرنسا تحن إلى فرض العقلية الاستعمارية على المغرب، فان المملكة تريد إقامة علاقات مع فرنسا على أساس الاحترام المتبادل وتجاوز سياسة الضغط والنظرة الاستعمارية المتعالية للدولة الفرنسية.
كما أن باريس لم تفهم بعد الاستراتيجية الجديدة للمملكة في قضية الصحراء المغربية؛ إذ تطالب الرباط بمواقف واضحة لا تحتمل اللبس و التأويل في قضية الصحراء المغربية؛ على غرار المواقف المتقدمة لإسبانيا و ألمانيا.
لقد كانت فرنسا تتعامل بانتهازية كبيرة مع قضية الصحراء المغربية، وتستعملها كورقة للمناورة الدبلوماسية تمكنها من تكثيف حضورها في المشهد السياسي والاقتصادي المغاربي، خصوصا في المغرب والجزائر؛ وهو ما جعل فرنسا تصطف دائما في “المنطقة الرمادية”؛ فلا هي تجاهر علنا بمغربية الصحراء كما فعلت أمريكا وإسرائيل والدول العربية، ولا هي داعمة بشكل مفضوح لأطروحة الانفصال الممولة من لدن الجزائر؛ وهي المواقف الضبابية التي يرفضها المغرب مطلقا.
ما يزعج فرنسا في الموقف الأمريكي الداعم و المعترف بمغربية الصحراء هو أن موقف واشنطن قد فضح هذا “النفاق الفرنسي”، والذي تَعزز فضحه كذلك بعد الموقف الألماني والإسباني والنمساوي والسويسري وغيرهم، قبل أن يأتي الاعتراف الاسرائيلي الجديد ليعزز من قوة الضغط والإحراج على الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون؛ الذي ادخل العلاقات المغربية الفرنسية إلى نفق مسدود بمناوراته و استراتيجيته الفاشلة التي لم تعد محط إجماع حتى داخل المشهد السياسي بالجمهورية الخامسة.
من خلال مواقفها ضد الوحدة الترابية للمغرب ستظل فرنسا وحيدة في منطقة “الظل”، أو المنطقة “الرمادية ”، في حين قطعت ألمانيا واسبانيا وسويسرا و هولندا والنمسا والبرتغال وغيرها من الدول الكبرى في أوروبا أشواطا كبيرة في دعم مقترح الحكم الذاتي للصحراء في ظل السيادة المغربية؛ وهو ما مكنها من نسج علاقات اقتصادية و دبلوماسية قوية مع المغرب؛ وهي الدروس التي لا تريد فرنسا ماكرون استيعابها رغم بساطتها.