“المصيدة” و”التقواس”.. واختفاء لقجع
الدار – إيمان العلوي
"المنتخب المغربي وقع في مصيدة".. و"المنتخب المغربي عانى من التقواس".. رأيان من رجلين مختلفين جدا، واحد اسمه الزاكي بادو.. والآخر اسمه رشيد الطالبي العلمي.
الزاكي لاعب ومدرب وخبير كرة من طراز رفيع.. والطالبي العلمي حملته رياح السياسة إلى تقلد وزارة الشباب والرياضة، لكنه حاول ألا يبدو طارئا عليها، واجتهد مطبقا ثبات الأجر مع الخطأ.
الزاكي والعلمي اتفقا على أنه من الصعب تحليل ما حدث للمنتخب المغربي الذي خرج من نهائيات كأس أمم إفريقيا وكأن الأمر يتعلق بكابوس، ففي النهاية فإن تفسير الانتصارات والهزائم في كرة القدم يشبه تفسير الأحلام، ولا أحد يملك ناصية تقديم تفسير علمي ومنطقي لما يقع، فالكرة في حد ذاتها كائن غير منطقي، فكيف نحشر المنطق فيما هو غير منطقي من أساسه..؟
الزاكي تحدث عن مصيدة، أي أن سباتا خفيفا للمنتخب جعله يؤدي ثمنا باهظا، والطالبي العلمي تحدث عما يشبه ذلك، وهو أن المنتخب تعرض، أكثر مما يجب، للنفخ والمديح، فحدث ما حدث، وفي كلتا الحالتين، فالمغاربة يجب عليهم، كما قال وزير الرياضة، الإيمان بالقضاء والقدر.
عموما، فكرة القدم يتم تحميلها أكثر من طاقتها، فتصبح ملزمة بتحقيق أحلام شعوب بكاملها، لذلك رأينا رجلا عانى من سكتة قلبية في الدار البيضاء بعد الإقصاء أمام البنين، وقبل ذلك رأينا أحداث كثيرة تجعل كرة القدم "الحاكمة بأمرها" وصاحبة الريادة في تبريد وتسخين مشاعر الشعوب.
لكن في كل هذا نسينا أن منتخبنا في مصر ربح مبارياته الثلاث الأولى بالحظ نفسه الذي عاكسنا أمام البنين، وكان لاعبونا يسجلون في آخر أنفاس المباراة، وفي المباراة أمام ناميبيا أنقذتنا نيران صديقة، ومع ذلك كان رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم يتصرف وأنه رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، وكاد الرجل يغير مشيته من شدة الخيلاء، وهو يرى الانتصارات المتتالية للاعبين لم يولدوا في المغرب ولم يعيشوا فيه، لاعبون صنعتهم النوادي الأوربية في الغالب، وآخرون انتقلوا من أوربا إلى الخليج للتقاعد الكروي في أنديته الثرية، ولم يأتوا إلى المغرب، ومع ذلك استمرت الجامعة في إطعامنا وهما كبيرا يقول إن منتخبنا سيصنع المعجزة، وعندما اضاع زياش ركلة الجزاء.. انقلب السحر على الساحر..
نكرر اعترافنا بأن كرة القدم خليط من المنطق واللامنطق ومن الحظ والنحس.. لكن في النهاية لا يمكن لجامعة الكرة أن تستعير منتخبا بكامله من أوربا ثم تحاول إقناعنا بأن كرتنا بألف خير.