
الدار/ غيثة حفياني
شرعت مدينة أكادير في تشييد مشروع نموذجي لإيواء الكلاب والقطط الضالة، على مساحة تُقدّر بـ4.5 هكتارات، بطاقة استيعابية تصل إلى 1000 كلب و200 قطة، مع تجهيزات متكاملة للرعاية الصحية، التلقيح، والتعقيم.
هذا المركز الجديد، الذي يجري إنشاؤه وفق معايير صحية وبيئية متقدمة، ليس مجرد مأوى تقليدي، بل هو فضاء متكامل للعلاج والتأهيل، ينسجم مع التوجيهات الوطنية المرتبطة بالرفق بالحيوان، ويعكس التزام المغرب المتزايد بإيجاد حلول دائمة ومُنظّمة لظاهرة الكلاب والقطط الضالة، التي طالما طرحت إشكالات اجتماعية وصحية في عدد من المدن.
ويأتي هذا المشروع ليضع حدًا للممارسات العشوائية التي كانت تُستعمل أحيانًا في تدبير هذا الملف، معتمدًا بدلًا من ذلك على منهج إنساني يزاوج بين حماية الصحة العمومية والحفاظ على التوازن البيئي، وتكريس مبادئ التعاطف والرحمة التي يؤمن بها المغاربة ويحث عليها الدين الإسلامي.
كما يُعد هذا المركز تجسيدًا للتوجهات الرسمية التي تدعو إلى اعتماد مقاربة شاملة ومستدامة في التعامل مع الحيوانات الضالة، من خلال التلقيح والتعقيم بهدف التحكم في تكاثرها، بدلًا من اللجوء إلى الأساليب المؤذية التي كانت تُنتقد بشدة من قبل الهيئات الحقوقية والبيئية.
وتؤكد الجهات المشرفة على المشروع، بشراكة بين السلطات المحلية والمجتمع المدني، أن هذا الفضاء سيكون مفتوحًا أيضًا أمام المتطوعين والجمعيات، وسيُخصّص جزء من خدماته للتوعية والتحسيس بأهمية احترام الكائنات الحية، في انسجام تام مع أهداف التنمية المستدامة وأجندة المغرب البيئية والإنسانية.
ويشكل هذا المشروع ردًا عمليًا على بعض الانتقادات غير الموضوعية التي تُوجّه للمغرب أحيانًا من أطراف تُغفل حجم الجهود والإصلاحات التي تبذلها المملكة في هذا المجال. فالمغرب، بدلًا من تصدير الخطابات، يُفضّل بناء نماذج عملية تترجم على الأرض مبادئ الرحمة، التنمية، والتدبير العصري للمشكلات المجتمعية، ومنها ظاهرة الحيوانات الضالة.
ويمثّل ملجأ أكادير للكلاب والقطط الضالة محطة مفصلية في مسار جديد من التعامل الحضاري مع هذا الملف، وقد يُصبح نموذجًا يُحتذى به على المستوى الوطني والقاري.