سلايدرمغرب

المغرب يعزز قدرات الجيش البوركينابي: أكثر من 200 مظلي يتخرجون بدعم من القوات المسلحة الملكية

الدار/ حفياني غيثة

اختتمت وحدة من القوات الخاصة البوركينابية تدريبات مكثفة في مجال القفز بالمظلات، تحت إشراف مباشر من القوات المسلحة الملكية المغربية. وقد توّج هذا التمرين بتخرج 200 جندي من القوات البوركينابية، بعد حصولهم على شارة المظلي العسكري، عقب سلسلة من التدريبات التي دامت 11 يومًا في مدينة بوبو ديولاسو، ثاني أكبر مدن بوركينا فاسو.

المغرب، الذي أصبح شريكًا استراتيجيًا للعديد من الدول الإفريقية في مجالات الأمن والدفاع، أرسل لهذه العملية طائرة عسكرية من طراز C-130H Hercules، بالإضافة إلى فريق من المدربين العسكريين المتخصصين في العمليات المحمولة جوًا. وخلال فترة التدريب، تم تنفيذ أكثر من 500 قفزة مظلية، شملت تمارين فردية وجماعية، بهدف تمكين الجنود البوركينابيين من امتلاك المهارات الضرورية للتدخل السريع في البيئات المعقدة ومناطق النزاع.

تأتي هذه المبادرة في لحظة حساسة بالنسبة لبوركينا فاسو، التي تواجه تحديات أمنية متزايدة بسبب تدهور الوضع في منطقة الساحل، وارتفاع وتيرة الهجمات التي تنفذها الجماعات الإرهابية المسلحة. وفي هذا السياق، يُمثل تأهيل وحدات التدخل السريع مثل المظليين عنصرًا حاسمًا في استراتيجية الدولة لمواجهة هذه التهديدات.

من جانب آخر، يندرج هذا التعاون ضمن الرؤية الملكية المغربية لتقوية روابط التعاون جنوب–جنوب، وخاصة في المجال الأمني والعسكري. فالمغرب، بخبرته الممتدة في محاربة الإرهاب، وتدبير الأزمات، وتكوين الكفاءات الأمنية، يقدم نموذجًا إقليميًا في دعم الأمن الجماعي الإفريقي، دون تدخل مباشر في الشؤون الداخلية للدول.

لم تعد الدبلوماسية المغربية تقتصر على القنوات السياسية والاقتصادية، بل أصبحت القوة الناعمة للمملكة تشمل أيضًا مجالات الدفاع وتكوين الجيوش الصديقة. وقد سبق للمغرب أن احتضن تدريبات لعسكريين من دول غرب إفريقيا وشارك في مهمات حفظ السلام في القارة. كما أنّ مدارس القوات المسلحة الملكية تستقبل سنويًا عشرات الضباط من دول مثل الكوت ديفوار، السنغال، الغابون، والنيجر.

ويعكس تواجد طائرة C-130H المغربية في بوركينا فاسو التزامًا لوجستيًا وعسكريًا نوعيًا، خاصة أن هذه الطائرة تُعد من أبرز الوسائل في عمليات الإسناد الجوي والتدخل السريع، وتُستخدم من طرف جيوش العالم الكبرى.

هذه الدينامية الجديدة في العلاقات العسكرية المغربية–البوركينابية تشير إلى توجه استراتيجي نحو بناء قدرات عسكرية إفريقية قادرة على مواجهة التحديات الأمنية بإمكانيات محلية ودعم إقليمي، بدل الاعتماد المفرط على الشركاء الغربيين. كما تُترجم إرادة الرباط في ترسيخ موقعها كمحور للاستقرار في المنطقة، وكمصدر للخبرة الأمنية المبنية على التجربة الميدانية والتعاون العملي.

في ظل هذا السياق، يبدو أن المغرب يعزز تموقعه في إفريقيا ليس فقط كفاعل اقتصادي ودبلوماسي، بل أيضًا كرافعة أمنية تساهم في بناء جيوش إفريقية حديثة وقادرة على حماية أمنها القومي والسيادي.

زر الذهاب إلى الأعلى