
الدار/ زكريا الجابري
في انتصار جديد للاستراتيجية السياحية الوطنية، أعلن وزارة السياحة والحرف والاقتصاد الاجتماعي أن عدد الوافدين إلى المغرب خلال النصف الأول من العام 2025 بلغ 8.9 مليون سائح، مسجلاً ارتفاعًا بنسبة 19% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، أي بمقدار 1.4 مليون زائر إضافي .
البيانات الرسمية تشير إلى أن يونيو سجل 1.7 مليون زائر، بزيادة 11% عن يونيو 2024، ما يجعله الأكبر في تاريخ السياحة المغربية (). هذا الأداء يبرهن على صلابة القطاع واستمرارية التحسن، مدفوعًا بتحسن الربط الجوي، تنويع الأسواق المستهدفة، وقوة العلامة السياحية المغربية على الساحة العالمية.
منذ بداية العام حتى نهاية ماي، كان المغرب قد استقبل 7.2 مليون زائر (+22% مقارنة بـ2024)، بما في ذلك تعافي ملموس بعد تجاوز مستويات عام 2019 قبل الجائحة (+68%) (). ويضيف هذا النمو ديناميكية قوية للقطاع، موثقة بأن المغرب بات خيارًا ثابتًا للمسافرين الباحثين عن تجربة متنوعة تجمع بين الثقافات والطبيعة والشمس.
هذه النتائج لم تُبنَ على الصدفة، بل جاءت نتيجة رؤية استراتيجية واضحة؛ تشمل تعميم رحلات “low cost”، وتأسيس أكثر من 14 خطًا جويًا جديدًا، فضلاً عن خطة استثمارية ضخمة لتحسين البنية التحتية، تشمل توسعة الفنادق، وتأهيل المناطق التاريخية والمنتجعات الطبيعية ().
أما من حيث العائدات، فقد تجاوزت الإيرادات السياحية 31.2 مليار درهم في الربع الأول وحده (+18% مقارنة بالعام الماضي)، فيما وصل إجمالي عائدات 2024 إلى 112 مليار درهم، أي ما يعادل أكثر من 7% من الناتج الداخلي الخام . ويساهم القطاع بشكل مباشر في خلق نحو 550 ألف وظيفة، إضافة إلى آلاف أخرى في الحرف التقليدية والخدمات المرتبطة.
التحديات تتجلى في قدرة الاستجابة للطلب، خاصة مع موسم الصيف الحالي. ووفق تصريح وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور، فإن التوجه ينصب على تعزيز الربط الجوي وتكثيف العرض الفندقي والأنشطة السياحية لجذب شريحة أصحاب الإنفاق العالي .
على الأمد المتوسط، تهدف المملكة إلى استقبال 15 مليون سائح بنهاية 2025، والوصول إلى 20 مليون بحلول 2030، مع تعزيز العائدات إلى ما فوق 150 مليار درهم سنويًا .
في المحصلة، النمو الحالي يؤكد تحولًا بنيويًا في نموذج السياحة المغربي: من وجهة موسمية تعتمد على الاستجمام الشاطئي فقط، إلى وجهة أربعينية متنوعة تلبي تطلعات السياح المتصلين بالثقافة، الفخامة، البيئة، والتكنولوجيا، مما يؤسس لنمو متوازن ومستدام يشمل جوانب الاقتصاد الواسعة.