حوادثسلايدر

عناصر المياه والغابات: الجندي المجهول في معركة الحرائق

بقلم/ياسين المصلوحي

كلما اندلع حريق غابوي أو تم إخماده، تتجه الأنظار بصفة عامة، ووسائل الإعلام على وجه الخصوص، إلى الأجهزة المساهمة في السيطرة على هذا الحريق والحد من خطورته. إلا أن هناك فئة من المتدخلين الأساسيين، الذين يعتبر دورهم جوهريًا ومحوريًا في مكافحة الحرائق الغابوية والتدخل التقني الميداني لمساعدة باقي المتداخلين.

فإلى جانب الوقاية المدنية، والسلطة المحلية، والدرك الملكي، والقوات المسلحة الملكية، يُعتبر عناصر الوكالة الوطنية للمياه والغابات حجر الزاوية في أي تدخل ميداني للسيطرة على الحرائق الغابوية، وذلك لعدة أسباب. أولها أن هذه المؤسسة هي الوصي الأول على الموروث الغابوي في المغرب على مر العصور، وتحميه ليس فقط من خطر النيران، وإنما أيضًا من اعتداءات القطع والرعي الجائر والأمراض التي قد تصيب الغطاء الغابوي. كما أن التوزيع الجغرافي لعناصر هذا الجهاز يجعلها تتواجد في أبعد النقاط وعلى امتداد مساحات شاسعة، كما يقول المثل الضارب في التاريخ“là où il n’y a personne, il y a un forestier”. :

وهذا يعطي تلميحًا إلى أن العناصر الغابوية تتواجد في الأماكن البعيدة التي يصعب التواجد فيها بسبب صعوبة التضاريس أو الظروف المناخية، وذلك تلبيةً للواجب الوطني واحترامًا للضمير المهني الذي يدفع هذه العناصر إلى حماية الموروث الغابوي الوطني.

كما أن الخبرة التقنية والمعارف الميدانية تسهّل التدخل لمحاربة الحرائق، نظرًا لمعرفة هذه العناصر بالمسالك داخل الغابات، ونوعية التضاريس، واتجاه الرياح، والتكوينات الطبيعية للغابات، وأماكن تواجد نقط الماء… كل هذه المعطيات تساعد على تحديد الولوجيات للمناطق التي تشتعل فيها النيران، وتحدد مراكز القيادة، كما تتوقع الاتجاه الذي قد تتبعه النيران، وتوجه الفرق المتنوعة نحو الأماكن التي يمكن فيها التزود بالمياه، وكل الوسائل المساعدة في عمليات التدخل الميداني. دون نسيان المشاركة الفعّالة لعناصر المياه والغابات، سواء الأطر والموظفين أو الأعوان الذين يتم توظيفهم بشكل موسمي. فهم أول من يلتحق بمواقع الحريق بسبب القرب الجغرافي لهم، كما أنهم آخر من يغادر المكان بعد التأكد من الإخماد الكلي للحرائق.

هذه الفئة من الموظفين الساهرين على حماية الثروة الغابوية والوحيشية تستحق منا اهتمامًا أكبر وتسليط الضوء عليها بشكل كبير، تثمينًا لمجهوداتها وتحفيزًا لها على المزيد من العطاء. فقطاع المياه والغابات يُعد من بين أقدم الأجهزة في المغرب، حيث تم تأسيسه سنة 1912، وكان الأكثر قربًا من المواطنين، خصوصًا في القرى والبوادي، وشريكًا أساسيًا في التنمية المجالية لهذه المناطق. كما أنه يساهم في تحقيق أهداف إيكولوجية، واقتصادية، واجتماعية لفائدة الساكنة المجاورة للغابات من خلال البرامج والمشاريع السنوية التي يتم برمجتها، من قبيل إعادة التخليف والتشجير، وتهيئة المسالك الغابوية لفك العزلة، وتوفير فرص الشغل القارة والموسمية من خلال صفقات حراسة الغابات أو رصد الحرائق. زد على ذلك العائدات المالية التي تستفيد منها الجماعات الترابية من خلال مداخيل بيع المحصولات الغابوية والاحتلال المؤقت، وغيرها من المجهودات التي يقوم بها هذا الجهاز جنبًا إلى جنب مع باقي مكونات الدولة المغربية.

زر الذهاب إلى الأعلى