أخبار الدارسلايدر

الشباب والرهان الوطني

الشباب والرهان الوطني

هل الشباب المغربي وصل مرحلة الإحباط وفقدان الأمل؟ سؤال هو جوهر إشكال وطني يواجه المغرب اليوم. فشبابنا الذين يفترض أن يكونوا رافعة التنمية وعماد المستقبل، يعيشون في قلب معادلة شائكة بين طموحات معطلة وواقع مثقل بالخيبات. منظومة سياسات عمومية توالت على صياغتها حكومات سابقة وحالية لم تبين على رؤية مندمجة أو إستراتيجية طويلة المدى، بل على مقاربات تجزيئية ومتضاربة أنتجت المزيد من التيه وفقدان الثقة. وكأن جزءا من هذه السياسات قد صمم عمدا لصرف الشباب عن أحلامهم الكبرى عبر التلهية والتشويش، بدل إحتضان طاقاتهم وتوجيهها نحو البناء.

وها نحن اليوم، على مشارف إستحقاقات 2026، نشهد تسابق الأحزاب السياسية في إخراج مذكراتها الإستشارية، وكلها تحاول أن تظهر نفسها قادرة على إستيعاب هواجس الشباب وإستباق مطالبه. غير أن الواقع يظهر أن هذه المذكرات تظل في حدود الرؤية الورقية واللغة التجميلية أكثر من كونها مشاريع فعلية لفتح أفق جديد. فالأجيال الصاعدة تعيش فراغا مؤلما في غياب القدوة وضبابية المستقبل، بينما يترك الكثير منهم لمصير قاس ينتهي أحيانا بالإدمان أو ركوب قوارب الموت، في وقت عجزت فيه أغلبية الأسر المغربية المثقلة بالفقر وتآكل الطبقة الوسطى، عن تأمين شروط التعليم الكريم أو مواكبة أبنائها في دروب الحياة.
أما المؤسسات والهيئات التي يفترض أن تؤدي دور الحماية والتأطير، فقد تراجعت قدرتها حتى عن إنتاج خطاب تواصلي يحاكي لغة الشباب، فضلا عن تنزيل حلول ملموسة لمشكلاته. ورغم أن المغرب إستطاع أن يحقق إختراقات كبرى على مستوى سياسته الخارجية ومكانته الإقليمية والدولية، ورغم ما يتوفر عليه من ثروات طبيعية ورأسمال بشري، فإنه ما يزال يتعثر في ملفات التعليم والصحة و البنية الإجتماعية. بل إن الفوارق المجالية تكشف أن البلاد تتحرك بسرعتين متناقضتين، وأحيانا بتوقف شبه كامل في بعض الجهات المهمشة.

ختاما، الشباب المغربي في أمس الحاجة اليوم إلى مبادرات شجاعة، تعيد لهم الثقة في وطنهم ومؤسساته، وتحول الشعارات المتداولة من قبيل “الشباب عماد الأمة” من مجرد خطاب إلى واقع معاش. اللحظة التاريخية تفرض على كل القوى السياسية، بما فيها تلك التي تستعد عبر مذكراتها للانتخابات المقبلة، أن ترتقي إلى مستوى المسؤولية، وأن تجعل من قضية الشباب ليس مجرد ملف انتخابي عابر، بل جوهر مشروع وطني شامل، قوامه الحقوق المصونة والمسارات المفتوحة ومستقبل ممكن يعيد الأمل إلى جيل أنهكته الوعود وبددت طموحاته الانتظارات.

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى