نداء إلى الضمير المؤسسي: قطاع الصيد التقليدي بالداخلة يواجه أزمة وجودية

بقلم: مولاي حسن الطالبي* -الداخلة
في ظل التطورات الأخيرة التي يعرفها قطاع الصيد التقليدي بجهة الداخلة – وادي الذهب، أجدني مضطراً لتوجيه هذا المقال/النداء، لا بصفتي التمثيلية فحسب، بل كأحد أبناء هذا القطاع الذين يشهدون يوميًا على ما يتعرض له من تضييق، إقصاء، وتجاهل غير مبرر لواقع مهني واجتماعي هشّ، لكنه في الآن ذاته حيوي وأساسي لاقتصاد الجهة.
لقد بات من المقلق أن تتوالى عمليات توقيف وحجز قوارب الصيد من طرف السلطات البحرية، بدعوى مخالفات تتعلق بتجاوز الأميال المحددة أو عدم استيفاء بعض الشروط الإدارية، وعلى رأسها تسجيل المحركات بجواز الأمان. ورغم أهمية ضبط وتنظيم القطاع، فإن الواقع الميداني يكشف عن تشدد مفرط وإجراءات لا تتناسب مع طبيعة “المخالفات” المزعومة، وهو ما يدفعنا إلى طرح أكثر من علامة استفهام حول خلفيات هذه الحملة المفاجئة.
ما يحدث اليوم لا يمس فقط مراكب أو وثائق، بل يهدد بشكل مباشر أرزاق مئات الأسر التي تعتمد كلياً على نشاط الصيد التقليدي لتأمين قوتها اليومي. وقد عبّر المهنيون، من خلال لقاءات وتصريحات متعددة، عن شعورهم بالحيف والتهميش، في ظل غياب أي بوادر حقيقية للحوار أو الإنصات من قبل الجهات المعنية.
بل إن الأزمة تتجاوز الآن الإجراءات الإدارية إلى ما هو أعمق: ندرة المخزون البحري، ارتفاع تكاليف الرحلات، تقلبات المناخ، وتراجع مردودية الصيد… وهي عوامل جميعها تزيد من هشاشة القطاع وتدفع ببعض الصيادين إلى التفكير في بيع قواربهم أو الانسحاب كلياً من المجال.
ومن جانبنا، في جمعية أرباب قوارب الصيد التقليدي، توصلنا بعشرات الشكايات من مهنيين تضرروا بشكل مباشر، ناهيك عن تحذيرات بعض الخبراء القانونيين من أن الغرامات المحصلة بشكل مباشر لفائدة المنطقة الجنوبية قد تفتقر للسند الدستوري، استنادًا إلى الفصل 39 من دستور المملكة، الذي ينص على أن “الضرائب والرسوم لا يمكن إحداثها أو تحصيلها إلا بموجب القانون”. هذه الممارسات، إن ثبتت، تستوجب التوقف الفوري والمراجعة الشاملة، احترامًا للشرعية القانونية والمؤسساتية.
وفي هذا السياق، نوجّه نداءنا العاجل إلى والي جهة الداخلة – وادي الذهب، وإلى قيادة المنطقة الجنوبية للقوات المسلحة الملكية، ووزارة الصيد البحري، قصد التدخل السريع والعاجل لوقف النزيف، وإطلاق حوار شامل يُعيد الثقة إلى المهنيين، ويضع حدًا لما يشبه “حربًا صامتة” على قطاع ظل، لعقود، ركيزة من ركائز الاقتصاد المحلي، ومرآة لهوية الجهة وخصوصيتها المجتمعية.
إننا لا نطلب امتيازات، بل العدل والإنصاف. نطمح إلى تنظيم القطاع بما يضمن استدامته، لكن بعيدًا عن المقاربات العقابية والقرارات الفوقية. نؤمن أن التنمية الحقيقية لا تتحقق بالإقصاء، بل بالشراكة والانفتاح على كل الأطراف المعنية.
ختامًا، نجدد استعدادنا كمهنيين وجمعيات للدخول في حوار بنّاء ومسؤول، يضع مصلحة الوطن والجهة فوق كل اعتبار، ويراعي كرامة الصياد التقليدي، الذي يشكل خط الدفاع الأول عن الثروة البحرية المغربية.
*ممثل الصيد التقليدي بالغرفة الأطلسية الجنوبية
ورئيس جمعية أرباب قوارب الصيد التقليدي