سلايدرمغرب

حماية المغرب مسؤولية مشتركة لا تقع على عاتق الدولة وحدها.. عندما يتحد المواطنون مع الأمن لحماية الاستقرار

الدار/ سارة الوكيلي

شهدت مدينة انزكان خلال الساعات الماضية مشهداً استثنائياً يعكس عمق الوعي الجماعي بأهمية حماية الأمن والممتلكات العامة والخاصة. فقد نزل عدد من التجار وأهالي المدينة إلى الشوارع، ليس للتظاهر أو الاحتجاج، بل للدفاع عن محلاتهم التجارية ومساعدة السلطات الأمنية في التصدي لأي محاولات تخريب أو نهب.

هذا الموقف الشعبي يسلط الضوء على إحدى الظواهر المهمة التي ينبغي ان في الان بالمغرب، وهي تحول المواطنين من متفرجين على الأحداث إلى فاعلين أساسيين في حماية السلم الاجتماعي. فبعد أن شهدت بعض المدن المغربية انزلاقات رافقت احتجاجات شبابية، أدرك سكان انزكان وهو ما ينبغي ان تدركه ساكنة باقي المدن المغربية والمناطق والضواحي أن حماية مدينتهم مسؤولية مشتركة لا تقع على عاتق الدولة وحدها.

مشهد تكاتف المواطنين مع رجال الأمن لم يكن مجرد ردة فعل لحظية، بل جاء نتيجة وعي متزايد بأن أي انفلات أمني أو فوضى لن يضر فقط بالمصالح الاقتصادية، بل قد يهدد حياة السكان ويضرب الاستقرار الذي يميز المغرب. وهو ما جعل أصحاب المتاجر في انزكان يشكلون سداً بشرياً أمام محلاتهم، فيما وفر شباب الحي دعماً لوجستياً للأمن عبر الإرشاد أو المساعدة في ضبط الوضع.

هذه المبادرات الشعبية تترجم التحول في نظرة المواطن المغربي لدوره داخل المجتمع، حيث اصبح مطالب في الظروف الحالية بعدم الاكتفاء بمطالبة الدولة بالحماية، بل أصبح يرى نفسه شريكاً في تحقيق الأمن والاستقرار. فالتجارب الدولية، كما في بعض المدن الأوروبية أو اللاتينية التي عرفت أحداث شغب، أظهرت أن مشاركة المواطنين في حماية ممتلكاتهم ومؤسساتهم تشكل عاملاً حاسماً في احتواء الفوضى بسرعة.

لكن هذه الصورة الإيجابية تطرح أيضاً أسئلة عميقة حول ضرورة تعزيز هذا الوعي عبر برامج للتربية على المواطنة والأمن المجتمعي. فالأمر لا يتعلق فقط برد فعل ظرفي، بل بضرورة تحويله إلى ثقافة راسخة لدى مختلف الفئات، خاصة في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي قد تدفع بعض الفئات إلى استغلال أي اضطراب لتنفيذ أعمال إجرامية.

إن ما وقع في انزكان يمكن اعتباره درساً عملياً لبقية المدن المغربية: حماية الوطن ليست مسؤولية رجال الأمن وحدهم، بل هي واجب جماعي يتقاسمه الجميع. وحينما يضع المواطنون يدهم في يد مؤسسات الدولة، تصبح فرص نجاح أي محاولة لزرع الفوضى أو تقويض الاستقرار شبه منعدمة.

زر الذهاب إلى الأعلى