سلايدرفن وثقافة

من باريس إلى الرياض.. رواية “جزيرة القارئات” الفرنسية بحرف عربي عبر ترجمة مغربية

صدرت حديثا للروائي المغربي، عيسى ناصري، ترجمة رواية “جزيرة القارئات” للكاتب الفرنسي ميشيل بوسي، التي تطل على القارئ العربي لأول مرة من معرض الرياض الدولي للكتاب المقام حاليا تحت شعار “الرياض تقرأ”.

وأكد ناصري في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن رواية “جزيرة القارئات” تتميز بخصوصية فريدة في الكتابة البوليسية المعاصرة، على اعتبار أنها لا تكتفي بالسرد التشويقي أو السرد القائم على حبكة جديدة وصادمة، بل تمزج بين الأدب والتحقيق، وبين فعل الكتابة وجريمة القتل. وبهذا المعنى، فهي ضرب من التحقيق الأدبي، يجعل من الكتابة موضوعا للكتابة، ومن السرد موضوعا للسرد. وهو ما يسمى في النقد بالميتا -سرد.

وبحسب ناصري، فإن ميشيل بوسي لا يقدم في هذا العمل لغزا بوليسيا فحسب، بل يصوغ حبكة متعددة الطبقات تنعكس فيها العلاقة المعقدة بين القراءة والكتابة، وبين القارئ والحقيقة، وبين الكتابة باعتبارها خلاصا، والكتابة باعتبارها خطرا. “فهذه العلاقات تسفر عن أسئلة تلامس هموم القارئ العربي، الذي بات أكثر انخراطا في عالم الرواية كفضاء للتفكير وإعادة مساءلة الواقع العربي ضمن سياق عالمي متغير ومتجدد باستمرار”.

ويؤكد ناصري أن تقديم هذا العمل الأدبي للقارئ العربي يكتسي أهمية خاصة تكمن أساسا في أن الرواية لا تضع أمام القارئ العربي “أدب تشويق” تقليدي، بل تدعوه إلى تجربة قراءة واعية نقدية وجمالية في آن تتيح له أن يتأمل فعل السرد نفسه وهو يتشكل شيئا فشيئا حتى يستوي ويثمر عناقيد حكايات وألغاز غامضة ومعبرة في آن، وتمكنه من إعادة النظر في علاقة الأدب بالوجود، بالحياة، وبالموت أيضا.

ويرى ناصري أن عرض هذه الرواية المترجمة للقراء في معرض الرياض الدولي يحمل بدوره أكثر من دلالة. فهو أولا يأتي في سياق انفتاح متسارع يعرفه المشهد الثقافي العربي على الإنتاج الإبداعي العالمي أدبا وفنا، حيث بات القارئ يبحث عن تجارب سردية جديدة ومغايرة، تتحدى القوالب الجاهزة، وتطرح أسئلة تلامسه ببعدها الكوني، وتراعي طبعا خصوصيته وهويته الثقافية.

كما يحمل عرض الرواية المترجمة في معرض الرياض الدولي للكتاب رمزية خاصة، حسب ناصري. فالرواية تتناول قصة خمس نساء قارئات يذهبن في مغامرة أدبية محفوفة بالمخاطر، ويجدن في الكتابة وسيلة للنجاة والمواجهة. فمثل هذه الحكاية، يضيف المترجم، من شأنها أن توقظ صدى خاصا لدى القراء والقارئات، ممن يبحثون عن المغامرات في قلب الكتب، ويرغبون الخوض في عباب الحبر للرسو على جزر قرائية من صنيع الخيال، معتبرا أن لكل قارئ جزيرته القرائية الخاصة المتخيلة التي يتوق أن يشد إليها الرحال، لينزل بها، فيكتشف شعابها وأدغالها وعوالمها الغريبة، وهو بذلك لن يعدو أن يكتشف سوى رغباته وهواجسه، وأن يلامس أطراف المجهول بداخله.

ويخلص ناصري إلى أن الحضور المتزايد للرواية الفرنسية المعاصرة في معارض الكتب العربية، ومنها روايات ميشيل بوسي، يكرس رغبة حقيقية في حوار ثقافي متبادل، لا يكتفي بالترجمة كجسر لغوي تواصلي بين الثقافتين العربية والفرنسية، بل يجعل منها وسيلة لإعادة طرح الأسئلة الكبرى ذات البعد الكوني، حول القراءة والكتابة وعلاقتهما بالواقع والوجود.

زر الذهاب إلى الأعلى