
الدار/ زكريا الجابري
تمكنت التلميذة حورية باشيخ، المنحدرة من مدينة السمارة، من تحقيق إنجاز استثنائي بعد نجاح تجربتها في زرع بذور العدس على سطح القمر، وذلك في إطار مشروع علمي دولي أشرفت عليه وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، بمشاركة طلبة وباحثين من مختلف دول العالم.
الفكرة التي انطلقت من مقعد دراسي بسيط في الجنوب المغربي، تحولت إلى مشروع علمي متكامل أثار اهتمام المختصين في علوم الفضاء والزراعة الحيوية. فقد تم اختيار تجربة حورية بعد اجتيازها مراحل دقيقة من التقييم العلمي ضمن برنامج تعليمي دولي يهدف إلى تحفيز الطلبة على الإبداع في مجالات التكنولوجيا والبحث الفضائي. وتركز التجربة على اختبار قدرة النباتات على النمو في بيئة قمرية تحاكي ظروف الإشعاع، وغياب الغلاف الجوي، وندرة المياه، وهي من بين التحديات الكبرى التي تواجه العلماء في خططهم المستقبلية لإنشاء مستعمرات بشرية خارج الأرض.
ووفق معطيات علمية نشرتها “ناسا”، فإن الهدف من هذا النوع من الأبحاث هو فهم آليات التكيف البيولوجي للنباتات في البيئات القاسية، تمهيدًا لتطوير نظم زراعية مستدامة في رحلات الفضاء الطويلة، مثل تلك الموجهة إلى القمر أو المريخ. وتُعد النباتات عنصراً محورياً في هذه الرحلات لأنها تُنتج الأوكسجين وتوفر الغذاء وتساعد في إعادة تدوير الموارد الحيوية.
نجاح حورية في هذا المشروع لم يكن صدفة، بل ثمرة اجتهاد طويل ودعم من أساتذتها ومؤسستها التعليمية، إضافة إلى تفانيها في دراسة علوم الأحياء والفيزياء الفلكية. وقد اعتُبر اختيارها لتمثيل المغرب في هذا المشروع العالمي اعترافاً بقدرة الطلبة المغاربة على المنافسة في مجالات البحث العلمي المتقدمة.
هذه التجربة تفتح الباب أمام جيل جديد من الباحثين المغاربة، خصوصاً في مجالات الفضاء والطاقة والتكنولوجيا الحيوية. كما تعكس تحولاً نوعياً في توجه الشباب نحو الابتكار العلمي، بعيداً عن الصورة النمطية التي تحصر طموحاتهم داخل حدود محلية.
إن نجاح حورية باشيخ في “زرع العدس على القمر” لا يُعتبر مجرد إنجاز رمزي، بل رسالة قوية مفادها أن العقل المغربي قادر على الإبداع والمساهمة في مشاريع إنسانية كبرى. وبينما تتابع “ناسا” نتائج التجربة عن كثب، يبقى هذا الإنجاز علامة مضيئة في سجل التعليم المغربي، ودليلاً على أن الاستثمار في العقول الشابة هو الطريق الأكيد نحو مستقبل علمي واعد.