مال وأعمال

سعد بلغازي: على الحكومة أن لا تعتمد فقط على برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

الدار/ أمين بوحولي

 

قال سعد بلغازي، الخبير والمحلل الاقتصادي، إن الاقتصاد الوطني، عرف خلال سنة 2018، "مشكلا رئيسا، على مستوى أداء الميزان التجاري الذي يعيش وضعية متفاقمة، رغم نشاط وحيوية الاقتصاد المغربي بفضل النمو الإيجابي الذي يعرفه" مرجعا هذا النمو إلى "قوة الاستهلاك الداخلي"، مقابل افتقاده إلى القدرة التنافسية الخارجية التي تعتبر من المؤشرات الإيجابية المحددة لأي نمو اقتصادي. مما ينعكس سلبا على مستوى توفير وخلق المزيد من فرص العمل.

وأشار بلغازي في حديث خص به موقع "الدار"، إلى أن الاقتصاد المغربي يتسم عموما بالاستقرار على مستوى الماكرو – اقتصادي. إلا أنه لا يشجع على جلب الاستثمارات الكافية لخلق فرص الشغل بسبب عدة عوائق أهمها: ضعف التسيير المحلي، ببعض الجماعات المحلية وصعوبة تنسيقها مع الإدارة المركزية مما يقلل هامش الثقة بين المؤسسات والمستثمر الذي تتزايد مخاوفه بسبب صعوبة حصوله على المعلومات الضرورية المحفزة على الاستثمار.

كما يرى بلغازي، أن النمو الاقتصادي الذي عرفه المغرب مؤخرا، لم ينعكس على سوق الشغل رغم وجود مؤشرات إيجابية، كـ: مهارة اليد العاملة المغربية وتحسين كفاءتها سنة بعد أخرى بفضل التكوين المستمر والمركز في قطاعات معينة.

وفيما يتعلق بالتشغيل، أكد بلغازي أن تنظيم سوق الشغل بالمغرب،  يعتبر عاملا من عوامل تقوية النمو الاقتصادي، غير أن القطاع يعرف أزمة ثقة بين المشغل واليد العاملة.

وتطرق بلغازي إلى قطاع العقار الذي يشهد اختلالات كبيرة بين وفرة الأراضي وقلة السيولة مما يؤثر سلبا على السوق المالي.

وتساءل الخبير الاقتصاي حول كيفية الدفع بوتيرة النمو، لتصل إلى المستويات المطلوبة، حيث أشار إلى أن المغرب يراهن على توفير 200 ألف منصب شغل في كل سنة، لكننا "نسجل أقل من 120 ألف منصب شغل، وبعض الأحيان وصلنا فقط إلى 60 ألف منصب شغل، الأمر الذي يؤدي إلى هجرة الأطر واليد العاملة .. من جهة، وإلى البطالة من جهة ثانية"، واعتبر بلغازي أن قدرة الاقتصاد الوطني في توظيف الخبرات والأطر واليد العاملة الوطنية وحتى الأجنبية يعد مؤشر أساسيا لتحديد أداء التطور الاقتصادي، مع الحفاظ على استقراره وتحفيزه، وجلب المزيد من رؤوس الأموال الخارجية.

ودعا بلغازي إلى ضرورة تأهيل البنيات التحتية لبعض المناطق والجهات بالمغرب، بتوفير الكهربة والطرق السيارة ووسائل النقل والمواصلات والماء الصالح للشرب وكذا ربطها بشبكات الاتصالات الوطنية. لتشجيع وجلب الاستثمارات وتحسين شروط  وظروف اشتغالها وإنتاجها. كما يجب العمل على تجاوز المعيقات، من أجل تحقيق مستويات أعلى من النمو الاقتصادي المستدام، مشيرا إلى أن المغرب استثمر في البنيات التحتية بشكل مكثف منذ أكثر من عشر سنوات، لكنها لم تكن بالجودة الكافية. وأشار إلى أن التغيرات المناخية كـ: الفياضانات التي اجتاحت بعض أقاليم المملكة عرت هشاشتها مما أثار مخاوف المستثمرين.

ويرى بلغازي أن سوق العملة بالمغرب يمنح سيولة أكبر، ويشكل عاملا مسهلا للفاعلين الاقتصاديين، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أن مستوى عملة الدرهم أمام باقي العملات الأجنبية، قوي وعالي بسبب الطلب المتزايد عليه. أن مداخيل المغرب من العملات الأجنبية، متنوعة، خاصة مداخيل قطاعات السياحة، التي تمثل 18%، وقطاع صناعة السيارات 14% في المائة، وتصدير المنتجات الفلاحية 14% ، والطاقات المتجددة 11%، وقطاع النسيج 10%، وكذا تحويلات المهاجرين المغاربة التي بـ 17%.

وعلق الخبير الاقتصادي على ملف أجور موظفي القطاع العام، وكذا أجراء القطاع الخاص، مشيرا إلى أن مستوى الأجور عموما، لم يعرف أي تغيير سواء في عهد حكومة بنكيران أو حكومة العثماني، الحالية، ودعا إلى ضرورة صياغة نظام موحد لتحديد الأجور وآخر للتقاعد يشمل كافة أجراء القطاعين العمومي والخاص: "لا يوجد حوار وطني اجتماعي، حقيقي، وصريح، لوضع نظام منسجم للأجور وللتغطية الصحية" منبها، في الآن نفسه إلى أن بعض مؤسسات التقاعد تعيش أزمة خانقة كما هو الوضع في الصندوق المغربي للتقاعد.

وأكد بلغازي أن حكومة العثماني لحد الآن لم تأت بجديد أو بخطة واضحة، للنهوض بالفئات الاجتماعية التي تعاني من الفقر ومن المشاكل الاجتماعية، بسبب ضعف المواكبة والتأطير، داعيا إلى أنه لا يجب الاعتماد، فقط، على برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وعلى الحكومة أن تبادر ببرامج جريئة ناجعة، بغية تحقيق قفزة نوعية على مستوى الاقتصاد المغربي، وفق المصدر ذاته.

وخلص سعد بلغازي، الخبير والمحلل الاقتصادي، في ختام حديثه لـ "موقع الدار"، إلى أن حملة المقاطعة، الأخيرة، عبرت عن ردة فعل المواطن المغربي على غلاء الأسعار، حيث كشفت عن ضعف وجهة نظر الحكومة في تحليلها للملفات الاقتصادية الاجتماعية، في ما يتعلق بمؤشرات الأسواق الوطنية، المرتبطة بالمستهلك. وهذا المعطى، يستوجب فتح حوار اجتماعي عميق، بين الحكومة وباقي الأطراف الاقتصادية والاجتماعية المعنية. للخروج بتصور عام يصب في صالح القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى