ماكرون “نفد صبره” ازاء عدم تفاعل ميركل مع الإصلاحات الأوروبية
عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت عن “نفاد صبره” من نقص تفاعل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مع الفكرة الاوروبية ومع مشاريعه الاصلاحية بشأن أوروبا، مؤكداً بذلك الإشكالات التي تعاني منها علاقة الزعيمين منذ أشهر.
ولدى سؤاله خلال مؤتمر ميونخ السنوي حول قلة الحماسة التي تلاقي بها برلين مقترحاته في السنوات الاخيرة، أجاب “لست محبطاً، ولكن صبري ينفد”.
ودعا إلى “أجوبة صريحة” من الثنائي الفرنسي-الألماني في ظل الانكفاء الأميركي وتوسع الصين.
وقال إنّ “الحل في السنوات المقبلة يكمن في التقدم بشكل أسرع في ما يخص عناصر السيادة الأوروبية” على غرار الدفاع، بينما تبدو المستشارة الألمانية حذرة جداً حتى الآن بالخصوص بسبب اعتياد ألمانيا على الانضواء ضمن حلف شمال الأطلسي منذ إنشائه عقب الحرب العالمية الثانية والتقليد المسالم الموروث نتيجة الفظاعات النازية.
وحث ماكرون على إعتماد “دينامية جديدة للمغامرة الأوروبية” في ظل التشكيك المتزايد، في وقت تلاقي برلين ببرود مقترحاته الهادفة إلى بناء أوروبا “قوية” و”سيّدة”.
وتؤكد صراحة مواقفه أنّ العلاقة مع المستشارة الألمانية لم تعد، منذ مدة، على ما يرام.
غير أنّ مساريهما السياسيين لا يتشابهان. فالمستشارة الألمانية تقف في نهاية حكمها، وتواجه المزيد من الأصوات المعارضة لها ضمن حزبها المحافظ بعد 15 عاماً على رأس هرم السلطة، كما أنّها ترأس ائتلافا حكوميا هشا مع الاشتراكيين-الديموقراطيين. ولا تمتلك هوامش مناورة على الصعيد الداخلي تتيح لها إطلاق إصلاحات كبرى.
وسبق للنائب الأوروبي القريب من إيمانويل ماكرون، باسكال كونفين، أن قال مؤخرا في حديث لصحيفة دير شبيغل الألمانية “لم تعد تصدر عن برلين أي فكرة”.
أما إيمانويل ماكرون، فيعدّ مسؤولا سياسيا شابا وغالبا ما يثير مزاجه الذي يوصف في الكواليس بالطائش الغضب في برلين. وهو يقف أمام مستشارة مشبعة بثقافة التسويات الألمانية وباتت أستاذة في فن الصبر السياسي.
وكانت تصريحات ماكرون المفاجئة في نهاية 2019 حول “الموت الدماغي” لحلف شمال الأطلسي ووجوب أن تمسك أوروبا بمصيرها على الصعيد الدفاعي، أثارت غضب المستشارة.
ومذّاك، سعى الرئيس الفرنسي إلى الطمأنة عبر التأكيد على اهمية الإبقاء على رابط قوي مع الولايات المتحدة.
كما أنّه ابدى الرغبة في انفتاح الردع النووي الفرنسي على ألمانيا، عبر المشاركة في تدريبات مشتركة.
وأعرب المسؤولون الألمان بلطف في مؤتمر ميونخ الجمعة عن استعدادهم ل”اغتنام فرصة الحوار” مع فرنسا. غير انّ وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارينباور أثارت شكوكاً السبت من خلال خشيتها من إضعاف حلف شمال الأطلسي.
وقالت “ما زلت اقول إنّ حماية (ألمانيا) مؤمنة من خلال المظلة النووية للولايات المتحدة”.
وحول هذه النقطة، حث ماكرون ألمانيا على تجاوز العراقيل. وقال “بنينا أوروبا على التخلي عن القوة العسكرية الألمانية”، ونتيجة لذلك “ترسخت في ألمانيا فكرة أنّه بالإمكان الحديث عن (المظلة النووية) الأميركية، ولكن ليس عن (المظلة) الأوروبية أو الفرنسية”.
وأشار إلى برلين بالقول إنّ “معادلة القوة لا يمكن أن تقام فقط من خلال الولايات المتحدة”.
كما ان الخلافات بين باريس وبرلين حول مسألتي الاستثمارات الحكومية في أوروبا والموازنات، كان لها أثر على العلاقات بين العاصمتين.
وانتقد ماكرون بشكل غير مباشر الإدارة المفرطة في التشدد، بضغط من ميركل، للأزمة المالية في أوروبا عام 2008.
واعتبر أنّه جرى إيلاء أهمية كبرى لخفض النفقات العامة وتنظيم القطاع المصرفي، في خليط “مجنون” أوصل برأيه إلى يأس “الطبقات المتوسطة” الأوروبية وصعود الشعبوية.
وفي سياق آخر، أعلن ماكرون في ميونخ عن استعداد باريس للتراجع المشروط عن معارضتها لبدء مفاوضات انضمام ألبانيا وجمهورية مقدونيا الشمالية إلى الاتحاد الأوروبي.
وكان هذا الملف الذي تعثر منذ عدة اسابيع، أثار امتعاض الدولتين ولكن ايضاً امتعاض شركاء أوروبيين لفرنسا على غرار ألمانيا التي تؤيد توسيع الاتحاد الأوروبي باتجاه البلقان.
المصدر: الدار ـ أ ف ب