أمين حارث.. بطل من ورق
الدار/ صلاح الكومري
حين بزغت موهبة أمين حارث، مع فريقه شالكة الألماني، تنبأ له كشافة المواهب والعارفون بالتفاصيل ومن يقرأون طالع المواهب الكروية، مستقبلا محترما في الميادين، قد يكون مشرقا أكثر إذا ما تفجرت موهبته عن ما في باطنها.. والفتى من براءته، أو بالأحرى من سذاجته، اعتقد أن هذه التنبؤات كفيلة بأن تضمن له رسم أحلامه على المستطيل الأخضر، ولم يخطر بباله أنها قد تبقى حبرا على ورق إذا لم يحذر من المغريات وملهيات الليل وآخره.
اعتقد حارث (21 سنة)، أنه في طريق سالكة نحو ما بلغه كبار اللعبة في العالم من مجد، لم يكن يدري أنه يحتاج وضع حزام السلامة والتريث والتمهل والحذر من المنعرجات كي لا ينحرف قطار حياته عن سكته، لكنه كان غافلا، ربما لأن المحيطين به، من عائلته وأصدقائه، غافلون أكثر، وهاهو اليوم يدفع فاتورة تعاظمه، ويحتاج من يمد له يدا معينة صادقة، لانتشاله من حيث ألقت به نزواته.
هذا الفتى الذي يحمل ملاحا عربية أصيلة وجينات مغربية، إنذارا تلوى الآخر من إدارة فريقه الألماني، كي ينتبه ويحذر نفسه الأمارة بالسوء، قالوا له نحن قوم الماكينات، لا نؤمن إلا بالعمل والإنتاج، لكنه أبى واستكبر، بل كاد يتجبر، ورد عليهم "أنا لاعبكم الأعلى"، وانساق وراء الأفراح والليالي الملاح، وحين طفح الكيل، اضطر الألمان إلى إخراجه من حساباتهم، بل همشوه، في انتظار تسريحه إلى فريق يدفع مقابله مبلغا محترما.
بداية نهاية اللاعب حارث مع فريقه شالكه، بدأت بعد مشاركته مع المنتخب الوطني المغربي في نهائيات كأس العالم، إذ أنه عاد إلى المغرب لقضاء عطلته في مدينة مراكش، حيث استجم واستمتع بما لذ وطاب في المدينة "الحمراء"، من مأكولات ومشروبات معتقة، إلى أن وقعت له حادثة سير في الطريق السيار، تسببت في وفاة شاب في مقتبل العمر، أثرت عليه نفسيا.
كثيرون شبهوا حارث بمواطنه عادل تاعرابت، الذي أفل نجمه وضاعت موهبته في دروب الملاعب الأوروبية بسبب تهوره وانسياقه وراء المغريات دون قيد، بعدما كان واحدا من المواهب المتوقع لها مستقبل بارز، واعتبروا هذا نسخة طبق الأصل من ذاك، مع فارق بسيط، أن الأول من عشاق فريق الوداد البيضاوي، والثاني من عشاق "الجار" الرجاء.
بعض ذوي النيات الحسنة، حذروا أمين حارث أن يلقى مصير تاعرابت نفسه، قالوا له: "يا حارث، كن اسما على مسمى، أمينا على نفسك حريصا على مصلحتك.. يا حارث لا تبع نفسك رخيصا ولا تجري وراء الغجريات والعن الشيطان الرجيم.. يا حارث من عاشر قوما أربعين يوما أصبح منهم، وأنت تعاشر الألمان منذ سنوات ولم تتعلم منهم المثل القائل "لا تقطع الغصن الذي تجلس عليه".