المواطنسلايدر

لنكن جميعا.. متشائلين..

الدار/ رضا النهري:

ربما سيستعصي على الكثيرين تصديق أن أصعب وأخطر مرحلة من تعايشنا مع وباء “كورونا” هي التي نعيشها حاليا، أو التي سنعيشها لاحقا، خلال الأسابيع والشهور المقبلة، لأنها ستحسم نهائيا في مصير الوباء، أو حتى مصيرنا نحن، فإما أن نعلن انتصارنا، ولو نسبيا، أو نرفع الراية البيضاء، لا قدر الله.

حاليا يعتقد الكثيرون أننا، وبتعبير الزميل الغماري من دوزيم “قد قطعنا الواد ونشفو رجلينا”، وهذا بقدر ما يبعث على التفاؤل، إلا أن ما يحتويه من المخاطر أكبر بكثير، لأنه من الأفضل أن نظل متشائمين لبعض الوقت، بدل أن نستيقظ يوما ونكتشف أن تفاؤلنا كان مجرد وهم كبير، وتوابعه ستكون الويل والثبور.

يجب أن نفهم أن ما جعل السلطات المغربية تخفف، نسبيا، من إجراءات الحجر الصحي هو ألا يجد الناس أنفسهم بلا مورد رزق، وألا تعلن المقاولات إفلاسها وتعرض حياة مئات الآلاف من الناس للخطر، لأن ذلك سيعني أن الفيروس انتصر علينا اقتصاديا واجتماعيا، لذلك كان ولا بد من اتخاذ إجراءات التخفيف الذي يفترض أن يرفع من وعي الناس وحذرهم، لا أن يدفع بهم نحو المزيد من الاستهتار.

كثيرون، للأسف، اعتقدوا أن بعض إجراءات التخفيف تعني إباحة ما كان محرما من قبل، فتخلي البعض نهائيا عن اقتناء الكمامات، وآخرون صاروا يصحبون أطفالهم إلى الشوارع صباح مساء، وبعض الشباب عادوا مجددا إلى طقوس “راس الدرب”، مع مظاهر أخرى تشي بأن الأقلية قد تبقى دائما أقلية، لكنها ستشكل دائما خطرا على الأغلبية.

ما يلزمنا الآن هو أن نخلط تفاؤلنا الجديد مع تشاؤمنا القديم، ومن قرأ الرواية الشهيرة للروائي الفلسطيني الراحل إميل حبيبي “المتشائل”، سيعرف ما يعنيه ذلك، وهو أن نكون متشائمين بالقدر الذي يمنحنا جرعة كافية من الحذر، وأن نكون متفائلين بالقدر الذي يمنحنا قدرا كافيا من الأمل.
لنكن، إذن، جميعا.. متشائلين.

زر الذهاب إلى الأعلى