الرياضة

زياش.. من مراهق مدمن كحول ومخدرات إلى نجم رياضي عالمي

الرباط/ صلاح الكومري

فقد والده وهو في العاشرة من عمره، فأصبح أمام المجهول، فاقدا للأمل، مستقبل مظلم ينتظر "آخر عنقود" أسرة مغلوب على أمرها، مكونة من 4 شقيقات و3 أشقاء، تعيش الفقر والحرمان لأبسط ضروريات الحياة، وفي الوقت الذي كان فيه من هم في سنه يعيشون حياتهم الطبيعية، بين الدراسة واللعب والحنان الأسري، ارتمى الفتى في براثن شوارع منطقة "درونتن"، شمال هولندا، حيث تحول لمدمن، يدخن بشراهة، يتعاط المخدرات، يشرب الخمر، ويفعل ما يفعله البؤساء.

هكذا كانت طفولة حكيم زياش، اللاعب الدولي المغربي، استنادا إلى "بورتريه" أنجزته عنه مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية، استعرضت خلاله أهم مراحل حياته، بداية من الطفولة ثم المراهقة، إلى أن أصبح لاعبا في الدوري الهولندي الأول، قبل أن يصير نجما وقدوة.

شاء القدر أن ينقذ محبوب والدته من براثن الضياع وهو لا يتجاوز الثالثة عشر من عمره، ويوجهه إلى الطريق السليم، رمى أمامه ابن جلدته عزيز دوفيكار، أحد اللاعبين الدوليين المغاربة السابقين، شاهده وهو يداعب الكرة مع بعض رفاقه المتشردين، فأدرك أن هذا الطفل النحيف، حباه الله موهبة قل نظيرها، فأخذ بيده وقاده إلى أكاديمية فريق "درونتن" لكرة القدم، وهناك، خطا الفتى أولى خطواته، فاكتشف عالما جديدا، أبحر في شواطئه، بشغف وطموح.

يقول عزيز دوفيكار، أول لاعب مغربي محترف في الدوري الهولندي، في تصريح مع قناة "فيرال تي في"، إن زياش كان مدمن، يشرب الخمر ويدخن كثيرا، ويتعاط المخدرات، مشيرا، في تصريح مماثل لصحيفة "المنتخب": "لقد ساعدته قدر استطاعتي لأخرجه من هذا المسار الخطأ، لم أكن مدربه فقط في فريق درونتن، بل كنت معلمه أو والده بطريقة أخرى".

لم يدم مقام زياش طويلا في أكاديمية "درونتن"، فموهبته كانت أكبر من أن يستمر في فريق يمارس في الدرجة الرابعة، لهذا عرج نحو أكاديمية "هيرنيفين"، حيث رسم لنفسه أولى لوحات التألق في عالم كرة القدم، ما شفع له بالانضمام إلى فئة الكبار سنة 2012، وهو لا يتجاوز التاسعة عشر من عمره، وبرز، بشكل لافت، في الجولات التمهيدية لمنافسة دوري أبطال أوروبا، فجلب إليه الأنظار، ولفت انتباه أكبر الأندية الهولندية، فاختار منها "توينتي"، حيث "تفجرت" موهبته، حسب ما قالت صحيفة "فرانس فوتبول"، فقد لعب 68 مباراة، أحرز خلاها 30 هدفا.

استمر زياش في صعود درجات التألق، وصناعة مجده، وفي 30 غشت 2016، وقع ثاني عقد احترافي له، وهذه المرة مع فريقه الحالي "أياكس أمستردام" مقابل 11 مليون مليون أورو، ولعب لمنتخبات هولندا لأقل من 19، و20، و21 سنة، وحين طلب للعب لمنتخب هولندا للكبار، رفض، قال إنه لن يلعب إلا لمنتخب بلاده الأم، المغرب، مؤكدا تشبه بوطنيته وأصوله وجذوره.

الآن، حكيم زياش، ذاك الطفل الذي كاد يضيع في ظلام الشوارع، أصبح نجما عالميا، تطلب وده أكبر الأندية الأوروبية، محبوب ملايين الجماهير، ليس فقط لأدائه وسحره فوق المستطيل الأخضر، بل لطيبته، وأخلاقه العالية، إذ أنه بار بوالدته، ويعتبرها رفيقة دربه، ومصدر قوته وحيويته، وأكثر من ذلك، فقد أصبح قدوة ملايين الأطفال الهولنديين والمغاربة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى