أخبار الدارسلايدر

الزليج المغربي.. تاريخ وتراث من الموحدين إلى اليوم

الدار/ خاص

يعتبر الزليج المغربي من أبرز الفنون التقليدية التي تميز الثقافة المغربية، وهو نوع من الفسيفساء المصنوعة من قطع صغيرة من البلاط المطلي والمزخرف بالألوان المختلفة. يستخدم الزليج في تزيين الجدران، الأرضيات، والنوافير، ويعكس جماليات معمارية متميزة تظهر التفوق الفني والحرفي المغربي.

تاريخ الزليج المغربي

بدأ استخدام الزليج في المغرب منذ العصور القديمة، لكن ذروته كانت في العصر الوسيط، خاصة خلال فترة الحكم الموحدي (1121-1269 م) والمريني (1244-1465 م). تأثرت الفنون الإسلامية بشكل كبير بالفن الأندلسي الذي انتقل إلى المغرب بعد سقوط الأندلس، مما أدى إلى تطور فن الزليج بشكل كبير في المغرب.

العصر الموحدي (1121-1269 م): خلال هذه الفترة، شهد الزليج المغربي تطورًا كبيرًا، حيث استخدم على نطاق واسع في المساجد، القصور، والمدارس. تم تزيين جامع الكتبية في مراكش بالزليج بأشكاله الهندسية المعقدة.

العصر المريني (1244-1465 م): عرفت هذه الحقبة ازدهارًا كبيرًا للزليج، خاصة في مدينة فاس، حيث أنشئت العديد من المدارس (المدارس) المزينة بالزليج مثل مدرسة العطارين التي تأسست عام 1325 م.

تقنيات صنع الزليج

يتم صنع الزليج يدوياً باستخدام تقنيات دقيقة تتطلب مهارة وخبرة عالية. تمر عملية صنع الزليج بعدة مراحل:

تحضير الطين: يتم جمع الطين وتنقيته ثم تركه ليجف. بعد ذلك يتم عجنه وضغطه في قوالب للحصول على الأشكال الأساسية للبلاط.

التجفيف والحرق: يتم تجفيف البلاط في الشمس ثم يحرق في أفران خاصة لزيادة صلابته.

التلوين والتزجيج: بعد الحرق، يتم طلاء البلاط بألوان طبيعية مشتقة من المعادن مثل الكوبالت (للأزرق)، المنغنيز (للبني)، والنحاس (للأخضر).

التقطيع والتجميع: يتم تقطيع البلاط إلى قطع صغيرة بأشكال هندسية مختلفة، ثم يتم تجميعها على قاعدة من الجص لتكوين الزخارف النهائية.

أنماط الزليج

تتنوع أنماط الزليج المغربي وتتميز بتعقيدها وجمالها. من أبرز هذه الأنماط:

الأشكال الهندسية: تعتمد على تكرار الأشكال الهندسية مثل المربعات، المثمنات، والدوائر.

الزخارف النباتية: تستخدم الأشكال النباتية مثل الأزهار والأوراق لتعزيز الجمال الطبيعي.

الخط العربي: يتم استخدام الخطوط العربية الكوفية وغيرها في تزيين الزليج، خاصة في المساجد والأضرحة.

الأرقام والتواريخ

القرن الـ12: بدأ استخدام الزليج بشكل واسع في العصر الموحدي، مع تزيين جامع الكتبية في مراكش.
القرن الـ14: بلغت فنون الزليج ذروتها في العصر المريني، خاصة في مدينة فاس.
مدرسة العطارين: تأسست عام 1325 م وتعد من أبرز المعالم المزينة بالزليج في فاس.
القرن الـ20 والـ21: شهدت صناعة الزليج تطوراً مع الحفاظ على التقنيات التقليدية، وأصبح الزليج المغربي رمزًا للتراث الثقافي المغربي في العالم.

الزليج في التراث المغربي

يمثل الزليج جزءًا لا يتجزأ من التراث المغربي، ليس فقط كفن زخرفي، ولكن أيضًا كرمز للهوية الثقافية المغربية. يعكس الزليج المغربي التفوق الحرفي والفني للمغاربة وقدرتهم على المزج بين الألوان والتصاميم لخلق قطع فنية فريدة.

ويظل الزليج المغربي فنًا حيًا يتطور مع الزمن، محافظًا على جذوره التقليدية ومواكبًا للابتكارات الحديثة. يمثل الزليج المغربي شهادة على التراث الغني والتاريخ العريق للمغرب، ويستمر في إلهام الفنانين والحرفيين في جميع أنحاء العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى