عن “العلماء”.. والكرة.. والنساء.. وتامغرابيت

الدار/ إيمان العلوي
أعادت الضجة التي أثيرت مؤخرا حول تصريح مذيع رياضي بإذاعة خاصة، إلى الأذهان واقع المرأة المغربية، التي تتراوح مكانتها في المجتمع ما بين تبوأ أعلى المناصب، وما بين امرأة في أقاصي الجبال لا تجد حطبا لتدفئ نفسها وأحفادها في أيام البرد القاسية. إذن فواقع المرأة المغربية يجب أن يبقى بعيدا عن هذا الجدل.
أما تصريح المذيع الرياضي، الذي نصح متدخلة عبر الهاتف بالاهتمام بالمطبخ ومشاهدة برامج الطبخ عوض تتبع أخبار المنتخب المغربي، فلم يكن مهينا للمرأة من الناحية الفعلية، بل كان حاطا من قدر ذلك المذيع وإذاعته، حيث تبين أن تحرير القطاع السمعي البصري في المغرب لا يحتاج فقط إلى قرار سياسي، بل يحتاج أصلا إلى من يثبت فعلا أن المشتغلين في هذا القطاع يؤكدون أن المغرب يمكن أن يسير بإعلامه نحو المستقبل وليس العودة به إلى أزمنة القرون الوسطى.
الجمعيات النسائية والحقوقية التي اهتمت بما جرى، وأصدرت بيانات الشجب والإدانة، يبدو أنها تسرعت كثيرا فيما فعلت، لأن الأجدر كان هو أن تتدخل نقابة الصحافة أولا، وأن تتدخل الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، وأن يتدخل المجلس الوطني للصحافة، لكي يفسروا للناس كيف أن إذاعة خاصة يفترض أن فيها صحافيين ناضجين يمكن أن تصدر عن أحدهم تصريحات لا تعود إلى القرون الوسطى فقط، بل هي تصريحات تؤكد أن من أطلقها لا يمكن أصلا أن يكون صحافيا، فبالأحرى أن يضع الميكروفون أمامه ويبدأ في إطلاق التصريحات وكأنه في مقهى شعبية في راس الدرب، مع اعتذارنا لكل أصحاب المقاهي الشعبية في "راس الدرب".
في جل الملاعب المغربية صارت المرأة حاضرة بقوة في مباريات البطولة، وفي كثير من الأحيان ترافق الجدة بناتها وحفيداتها إلى الملاعب وهن يحملن الرايات وشعارات فرقهن المفضلة، ويصير عدد النساء أكثر خلال مباريات المنتخب المغربي، وأصبح من المألوف أن نرى في القطارات وعلى الطرق السيارة عائلات بكاملها تتنقل من مدنها الأصلية نحو المدينة التي سيجري فيها المنتخب المغربي مبارياته، أما في المنازل فصارت النساء جزءا رئيسيا من الجمهور المنزلي لكرة القدم، وكثيرا ما يدلل الأزواج زوجاتهم والأبناء أمهاتهم ويتوجهون إلى المطبخ لإعداد الشاي والحلويات احتفاء بالزوجة والأم والجدة، وتتحول كرة القدم إلى مناسبة بهية تجمع الأجيال وتوحد المشاعر وتعزز الانتماء للوطن.
لهذا السبب نقول "للعلماء".. إذا كنتم تعيشون في كوكب آخر غير كوكبنا فأخبرونا، وإذا كنتم تريدون تحويل إذاعات خاصة إلى مقاهي راس الدرب فاخبرونا كذلك، لكن من الأكيد أن تصريح ذلك "العالم" لا علاقة له لا بالصحافة ولا بالكرة ولا بالوعي ولا بتامغرابيت..