أخبار دوليةسلايدر

بوعلام صنصال.. كاتب خرج من السجن أقوى من النظام الذي سجنه

الدار/ إيمان العلوي

لم تكن لحظة خروج الكاتب الجزائري بوعلام صنصال حدثًا عابرًا أو مجرد خبر عابر في نشرات المساء، بل مشهدًا سياسيًا كاملاً يتجاوز حدود الأدب إلى عمق أزمة دولة. فما إن غادر الرجل أسوار السجن حتى نطق جملته الأولى بصوت ثابت: «Bonjour la France… je reviens… on va gagner !» أي: “مرحبًا يا فرنسا.. لقد عدت.. وسننتصر!”

جملة قصيرة، لكنها كانت كافية لتفجير أسئلة كثيرة، وإحراج نظام جزائري يدّعي السيادة بينما تبدو قراراته مرتهنة خارج حدوده. فخروج صنصال لم يكن نتيجة مراجعات قضائية ولا تعبيرًا عن انفراج سياسي، بل جاء نتيجة ضغوط ألمانية قوية واحتفاء فرنسي واضح، وهو ما جعل الحدث يتخذ شكلاً دبلوماسيًا أكثر منه قضائيًا.

المفارقة أن السلطة التي أرادت من توقيف الكاتب إظهار الحزم والقوة، خرجت من المشهد بنقيض ما أرادت؛ فبدل صورة الدولة الصارمة التي تتحكم في ملفاتها، بدت وكأنها تُدار من الخارج، تتراجع حين تُستدعى، وتتخذ القرارات تحت ضغط العواصم الأوروبية.

أما صنصال، فقد خرج أكثر حضورًا مما كان قبل اعتقاله. لم يتحدث بمرارة، لم يظهر متعبًا أو مكسورًا، بل قدم نفسه كمنتصر رمزي، كمن يدرك أن السجن لم يسكت صوته بل منحه صدى أوسع.

هذا المشهد لم يكن مجرد حالة فردية، بل صفعة سياسية جديدة لنظام يرفع شعار “السيادة” بينما تتلاشى هذه السيادة عند أول اختبار خارجي. وبينما كانت وسائل الإعلام الرسمية تحاول التقليل من وقع الحدث، كانت شبكات التواصل والرأي العام الدولي يتعاملان معه كدليل جديد على هشاشة القرار السياسي في الجزائر.

لم يكسب النظام الجزائري شيئًا من اعتقال صنصال، بل خسر مرتين: حين وضعه في السجن، وحين اضطر لإخراجه. أما الكاتب بوعلام صنصال، فقد خرج بملف أقوى، وبتعاطف أوسع، وبصوت لم يعد بالإمكان تجاهله.

زر الذهاب إلى الأعلى