التربية على مجاهدة النفس ومراقبتها
اعلم أيها الأب أن رحلتك مع تربية أبنائك، ليستْ بالسهلة الميسرة، وأنك ستواجه الكثير من المصاعب والمشاكل، وستكون أنت بمشيئة الله على قدر ودرجة كبيرة وعالية من الوعي لتتعامل معها.
ولكن هناك مشاكل ستكون خفية، تحدث معهم خارج نطاق سلطتك وسيطرتك عليهم، قد تكون في طريق عودتهم إلى المنزل، أو أثناء الذهاب إلى أماكن تعليمهم، أو تحدُث نتيجة احتكاكهم ببعض أقرانهم.
وكذلك سيُحيط بهم الكثير من الفتن والمعاصي، وما أكثرَها في زماننا هذا! ففي الماضي ربما كان الانغلاق وسيلة تحفظ أبناءنا وبناتنا، ولكن الآن انفتح العالم على مصراعيه، وأصبحت المجاهرة بفعل المعاصي شيئًا عاديًّا لدى البعض، فما كانت إلا كعدوى فيروسية وآفة انطلقت نحو أزهارنا؛ لتبيد فيها كل ما هو نقي وجميل.
ودورك هنا عزيزي الأب سيأتي لتوعية عقول أبنائك، وجعْل نصائحك بشكل غير مباشر، اجعَلها كالمناعة ضد هذه الآفات التي انتشرت في عالمهم.
تكلَّم معهم عن ضرورة مجاهدة النفس، والبُعد عن كل ما يؤدي إلى أفعال تُغضب الله.
فإن كان لهم صاحب سوء، فالبعد عنه غنيمة إن لم يكن هناك فرصة لإصلاحه، وإن وجد الأبناء في أماكن فيها اختلاط وعُري وتبجُّح، فليَفر منها، تاركًا إياها ابتغاءَ مرضاة الله عز وجل، وليعفوا أنفسهم بكل الطرق.
وتكلم معهم قائلًا:
إن الله أشدُّ رقابة عليهم منك، فإن كانوا لا يستطيعون فعل الخطأ أمامك فالأَولى ألا يفعلوه من ورائك؛ لأن هناك عينًا لا تنام، وملائكة تسجِّل أعمالهم ليلًا ونهارًا.
ثم قل لهم: إن مجاهدة النفس عن المعاصي والذنوب تأتي من الحياء، وتكلَّم معهم برِقة، وأغدِق عليهم كلمات مملوءة بالحب والود، تجعلهم يستجيبون لك بكل هدوء.
واعلَم أن هذه هي معركتك الحقيقية، فلتنتصر فيها بهدوءٍ ووعي؛ لكي تُنجب أجيالًا تستطيع إنجاب أجيالٍ أفضل.
حفِظ الله أبناءنا وبناتنا، وأنبتهم نباتًا حسنًا.