النهضة تضغط على سعيد بالصلاحيات لتحقيق المكاسب
مراقبون يرون أن الحركة الإسلامية ستعمل على إرباك أداء الرئيس التونسي من خلال إثارة الفصل بين السلطات واتهامه بوضع يده على رئاسة الحكومة.
لا يفوّت ممثلو حركة النهضة الإسلامية الفرصة لإظهار انزعاجهم من شعبية الرئيس التونسي قيس سعيد، وخاصة بعد نجاحه في دعم تشكيل حكومة جديدة باتت تعرف بـ”حكومة الرئيس” وتكليف إلياس الفخفاخ بالمشاورات.
لكنّ أوساطا سياسية تونسية مطّلعة قللت من هذا الانزعاج، محذرة من أن يكون ذلك مناورة للتغطية على استفادة الحركة من الوضع المريح الذي توفره لها “حكومة الرئيس”، حيث تجنبها المواجهة مع مطالب الشارع وفي نفس الوقت تتيح لها الفرص للسيطرة على القرار الحكومي من وراء الستار من خلال وجودها في البرلمان وتحالفاتها لتفرض ما تريده من قوانين وتفشل المشاريع التي تتعارض معها، مثل القوانين الخاصة بالحقوق، أو المساواة في الميراث.
وحذر النائب عن حركة النهضة، والقيادي المثير للجدل، السيّد الفرجاني، من أن رئيس الحكومة المكلّف يبشر بانقلاب رئاسي على البرلمان، وأن “رئيس الجمهورية قيس سعيد يستهدف دستور البلاد الذي أقسم على حمايته”.
وقال متابعون للشأن التونسي إن إظهار نقد الرئيس التونسي، أو رئيس الحكومة المكلّف، هدفه بالدرجة الأولى ممارسة الضغوط للحصول على مكاسب وتنازلات، وهي استراتيجية دأبت عليها حركة النهضة في السنوات الأخيرة، خاصة مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، ورئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي، يوسف الشاهد.
وأشار هؤلاء إلى أن الحركة تتقن لعبة فرّق تسد بين السياسيين، ما يجعلها محور التفاهمات والتوافقات، وهو ما يفسر قبولها أن تكون المساند الأول لـ”حكومة الرئيس”، وفي نفس الوقت سعيها للحفاظ على تحالفها مع حزب “قلب تونس” بقيادة نبيل القروي، وهو الحزب الذي تم إقصاؤه من المشاورات الحكومية.
وتحتاج حركة النهضة إلى تمتين علاقتها بـ”قلب تونس” لاعتبارات كثيرة، من بينها توظيفه كورقة ابتزاز ضد الحكومة التي يجري تشكيلها والسعي للحصول على حصة أكبر من الوزارات، خاصة الوزارات المهمة، أو التلويح بسحب دعمها للفخفاخ في البرلمان واللجوء إلى خيار بديل تتحالف فيه مع القروي، وائتلاف الكرامة وبعض المستقلين لإسقاط الحكومة، والدفع نحو انتخابات جديدة.
وتنظر النهضة إلى “قلب تونس” كحليف توظفه في قطع الطريق أمام محاولات تجري لعزل رئيسها راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان، وهو الخيار الذي تتبناه عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر.
ويرى مراقبون أن النهضة ستعمل على إرباك أداء الرئيس التونسي من خلال إثارة الفصل بين السلطات واتهامه بوضع يده على رئاسة الحكومة لجعله يقبل بأن تلعب الحركة دورا محوريا من وراء الستار في تشكيل الحكومة والحصول على مواقع متقدمة في وزارات سيادية والتغاضي عن سياسة الاختراق الممنهج للدولة. لكنهم استبعدوا أن يرضخ قيس سعيد لهذا الابتزاز، خاصة أن الرجل يفكر بدوره بتشكيل تنسيقيات في كل المحافظات استعدادا للانتخابات القادمة، وسيكون منافسا جديا للنهضة وقوائمها الانتخابية، وهو ما يدفعه من الآن لمواجهة تغوّلها وسيطرتها على المؤسسات.
ورصد استطلاع رأي صادر عن مؤسسة “سيغما كونساي” صعودا لافتا لأنصار الرئيس فيما لو تم إجراء انتخابات في الوقت الحالي. كما أعطى الصدارة في نوايا التصويت لعبير موسي التي تقف بقوة ضد النهضة.
ووسّع رئيس الحكومة المكلّف المشاورات لتشمل أطرافا سياسية واجتماعية متعددة حتى لا يظل تحت رحمة من أسماهم بحزام الرئيس (حركة النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس).
وقال الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي، نورالدين الطبوبي، السبت، إن التعامل مع الحكومة الجديدة مرهون بقدرتها على الإنجاز وتمكنها من تجاوز الصعاب. جاء ذلك في تصريحات صحافية عقب لقائه إلياس الفخفاخ بدار الضيافة في قرطاج.
وشدد رئيس الاتحاد (أكبر منظمة عمالية)، على ضرورة المسارعة بتشكيل الحكومة التي طال انتظار التونسيين لها، على أن تكون “حكومة مضيّقة وتعطي رسالة إيجابية للمواطنين وتتميز بالنجاعة والتضامن بين أعضائها، وتكون قادرة على إنجاز المتطلبات والاستحقاقات الاجتماعية”.
ونفى الطبوبي ترشيح الاتحاد أسماء للحكومة الجديدة، مؤكدا أن رئيس الحكومة المكلّف يتحمل مسؤوليته في اختيار فريقه.
المصدر: الدار- وكالات