عبد الرحيم بن رضوان.. بطل عالمي “نبيل” جار عليه الزمان
الدار/ صلاح الكومري
لا شك أن البطل المغربي السابق عبد الرحيم بن رضوان، يستحضر، في كل لحظة، وهو يحمل أكياس الإسمنت على كتفيه لتوفير قوت يومه، مقولة خالد بن الوليد وهو على فراش الموت: "لقد شهدت مائة حف أو زهاءها… وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي"، أو ربما يعيش حياته مؤمنا بالبيت الشعري لأبي الطيب المتنبي: "إذا كانت النفوس كبارا.. تعبت في مرادها الأجسام".
عبد الرحيم بن رضوان، تحول من بطل مغربي في سباق الماراثون وسفيرا للرياضة المغربية في بلدان العالم، إلى عامل بناء يشقى ويكد، وبالكاد يوفر قوت يومه، لم تشفع له قساوة الحياة تشريفه الراية الوطنية وهو يحملها على كتفيه في محافل دولية، وأجبرته أن يحمل بدلها أكياس إسمنت مسلح وحجارة من سجيل.
صال وجال عبد الرحيم بن رضوان العالم، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، مثل المغرب في تظاهرات رياضية دولية، (موناكو، إيطاليا، بلجيكا، ألمانيا، فرنسا..)، بلغ المجد والشهرة والعز، وحظي باحترام وتقدير الكبار، وحين خانته لياقته واضطر الاعتزال، لم يشفع له كل ذلك في أن يحظى بعيش كريم، فقد تنكر له الأقرباء والأصدقاء ومن كان همهم قبض ثمن عرق جبينه، مقابل كلام معسول يمطرونه به نفاقا لا احتراما.
يبدو، ربّما، أن عبد الرحيم بن رضوان عزيز النفس، عالي الأخلاق، جميل الكبرياء، لهذا فضّل حمل الحجارة والطين والإسمنت على كفتيه، بدلا من أن تحمل نفسه ذُل مد يديه توسلا لـ"فلان" و"علان"، فضل العيش كريما، لا ذليلا، فضل أن يشقى ويتعب ويكد من الصباح الباكر إلى المغرب لتوفير دريهمات قليلة، لكنها في قلبه كثيرة، وقيمتها كبيرة، فضّل العيش مؤمنا بالشعري القائل: "لا تسقني ماء الحياة بذلة.. بل اسقني بالعز كأس العنظل".
وعبد الرحيم بن رضوان، من مواليد 1966، شارك في العديد من التظاهرات الدولية، من بينها ماراثون مدينة كولون الألمانية سنة 2000، حيث احتل المركز الخامس، بتوقيت ساعتين و18 دقيقة، وفي سنة 2001 شارك في ماراثون مدينة ميلان الإيطالية، حيث احتل المركز السادس عشر بتوقيت ساعتين و21 دقيقة، وفي سنة 2003 شارك في ماراثون "أوريون" في فرنسا، حيث احتل المركز الثالث بتوقيت ساعتين و28 دقيقة، وفي سنة 2004 شارك في ماراثون موناكو، حيث احتل المركز الثالث بتوقيت ساعتين و26 دقيقة، وماراثون "شارتري" في فرنسا، حيث احتل المركز التاسع بتوقيت ساعتين و37 دقيقة، وفي سنة 2005، احتل المركز الخامس في ماراثون الدار البيضاء بتوقيت ساعتين و21 دقيقة، واحتل المركز الثالث في ماراثون "نورموندي" في فرنسا، مسجلا توقيت ساعتين و23 دقيقة، والمركز الحادي عشر في ماراثون موناكو للمرة الثانية، مسجلا توقيت ساعتين و35 دقيقة.
بعد كل هذا المسار الحافل بالإنجازات، كان من المفترض، حسب المتعارف عليه لدى الرياضيين المعتزلين، أن يكون عبد الرحيم بن رضوان، الآن، يدير مشاريعا تجارية، أو يشارك في ندوات ولقاءات وملتقيات كضيف "غير" مرحب به، حيث يلتقي بالمسؤولين، ويحني رأسه أمام أحدهم ويترجاه أن يجد له مكانا هنا أو هناك، أو أن يكون، على الأقل، مدربا وطنيا في الإدارة التقنية، هكذا تدور اللعبة لدى الرياضيين بعد الاعتزال، لكن عبد الرحيم بن رضوان كان في غنى عن كل ذلك، لم تسعفه نفسه الأبية على التوسل لغير الله، وفضل حمل أكياس الإسمنت وهو يردد عبارة الجمهور الرجاوي: "في بلادي ظلموني"، وحين يضع رأسه على وسادته ليلا، يستحضر العبارة القائلة: "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها".