الدار/ رضا النهري:
كثيرة هي الدول التي علقت الرحلات الجوية والبحرية بينها بسبب الوباء المتفشي “كورونا”، فذلك إجراء روتيني لن يثير الكثير من القيل والقال من الناحية الصحية.
لكن من الناحية الإنسانية والتجارية، فإن الإجراء يتحول إلى كابوس حقيقي، حيث يتم تقطيع أوصال العالم فجأة من دون سابق إنذار، وتتحول الأرض، التي كانت توصف بأنها قرية صغيرة، إلى جزر معزولة لا يوصل بينها سوى شبكة الانترنيت، والإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي الغارقة في إفزاع نفسها وإفزاع الآخرين بهذا الوباء الثقيل الدم.
في إيطاليا، التي تعيش حاليا وضع شلل نصفي، أو شبه كامل، لم يكن أحد يتوقع أن تصل الأوضاع إلى ما هي عليها حاليا، فليس من الطبيعي أن يبدأ الوباء في الصين، وبالضبط في مدينة يوهان المغمورة، وبعدها ينتقل بسرعة، ليس إلى اليابان أو روسيا، بل إلى إيطاليا، ليغرقها في قلق غير مسبوق.
وخلف إيطاليا، تعيش جارتنا إسبانيا قلقا متصاعدا توج بإعلان رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، عن حالة طوارئ عامة في البلاد، بعد أن استفحل الوباء بشكل غير مسبوق، خصوصا في العاصمة مدريد، إلى درجة تم إعلان حجر صحي لفريق ريال مدريد، ثم توسع الوباء إلى مناطق أخرى لم تكن معنية به من قبل.
ومثلما هو الحال في إيطاليا، فإن مئات الآلاف من المغاربة يعيشون في إسبانيا، وهؤلاء يتنقلون باستمرار بين البلدين لاعتبارات القرب الجغرافي أولا، ولاعتبارات أخرى إنسانية واقتصادية.
وإذا أخذنا في الاعتبار أيضا أن إسبانيا هي أول شريك اقتصادي للمغرب، وأن تنقل رجال الأعمال دائم بين البلدين، فستكبر الخسارة أيضا، من دون أن ننسى أنه في كل عام ترحل آلاف المغربيات إلى حقول الفراولة في الجنوب الإسباني، حيث تقضين شهورا في العمل الموسمي قبل العودة إلى المغرب.
حاليا فإن كل روابط السفر متوقفة بين البلدين، إلا في استثناءات قليلة جدا، وهذا ما يمنح شعورا نفسيا بأن هذا الفيروس له أثار إنسانية واقتصادية أكبر بكثير من عواقبه الصحية. لقد نجح في تحويل العالم إلى أكثر بكثير من مجرد خمس قارات.