وكالات الأنباء الإفريقية.. الخبراء يدعون إلى نموذج إقتصادي جديد للصحافة
شدد ثلة من الخبراء الإعلاميين، يوم أمس الجمعة 29 نونبر 2019 بالرباط، على التخلي عن النموذج الإقتصادي «التقليدي» للصحافة والتطلع إلى المستقبل من خلال التفكير في بلورة نموذج جديد يوفر لمستهلك المعلومة خيارا أوسع.
وأكد مختلف المتدخلين، خلال ندوة نظمت حول موضوع «النموذج التاريخي والوحيد لوكالة الأنباء قد ولى، ابتكروا مستقبلكم»، على هامش أشغال الدورة الخامسة للجمعية العامة للفيدرالية الأطلسية لوكالات الأنباء الإفريقية فابا، على ضرورة تنويع مجالات ووسائط الإتصال لملامسة أكبر عدد من العموم، وتكثيف الإنتاج وطرق النشر.
وكالات الأنباء يجب أن لا تتوقف عن التكيف مع عهد السرعة
بحسب برنارد مونتيلي، الخبير الإعلامي من جمهورية الكونغو، فإن «وكالة الأنباء ينبغي أن تساير طلبات زبنائها القدامى منهم والجدد من جهة، ومواكبة تغير الإستعمالات في قطاع الصحافة من جهة أخرى».
وقال مونتيلي «إن النموذج التقليدي لوكالة الأنباء، على غرار إنتاج محتويات للصحافة، يجب أن يساير الوسائط الجديدة، مما يقتضي الإستثمار في تطوير وحكامة الوكالة»، مضيفا أن ذلك «يستحثنا على التفكير في تطوير وسائل الإعلام وأثرها على نموذج وكالة أنباء وحاجيات التمويل والحكامة».
وتابع الخبير الكونغولي أنه ينبغي إعادة النظر في النموذج «الكلاسيكي» لإقتصاد وكالات الأنباء في سياق التطور المتواصل للمعلومة على الإنترنت وقنوات الأخبار التلفزية، ملاحظا أن «هذا الأمر يستوجب ميلاد نموذج جديد في عالم تنافسي حيث الإنترنت يشجع على الرفع من عدد المدونين، وعلى تكريس شبكات التواصل الإجتماعي والوسائط الأخرى التي تتيح لكل فرد الربط بها لنشر النصوص والتسجيلات الصوتية والصور».
ومن جانبه، رأى صامبا كوني، الرئيس المدير العام لـمؤسسة سود/أكسيون ميديا الكاميرونية، أن عهد السرعة يفرض التعامل معه بشكل آخر، مؤكدا أن «مستقبل وكالات الأنباء يجب أن ينظر إليه في تزاوج بين الماضي والحاضر، ما دامت هي مطالبة بمواصلة تأسيس مبادراتها بما يناسب خصوصياتها من خلال الاحترام التام للقواعد المهنية».
وسجل كوني أن الوكالة يجب أن تعمل على «توضيح الوقائع عند شرحها، والتفصيل في رهانات هذه الوقائع، وإلقاء الضوء على الأوضاع الإستثنائية، مع تمكين القنوات التلفزية والإذاعية من تدبير برامجها وإعطاء مستجدات الأخبار للصحف والتفصيل في تحليلاتها وإثارة شبكات التواصل الاجتماعي حتى تفرز تعليقات على الأحداث».
ولاحظ الخبير الكاميروني، في هذا السياق، أن وكالات الأنباء يجب أن لا تتوقف عن التكيف، فضلا عن التوفر على القدرات التقنية والبشرية حتى تلبي انتظارات زبنائها.
وقال كوني إنه فضلا عن القصاصات التقليدية، فإن مستقبل وكالات الأنباء رهين بمسايرة الموضوعات الراهنة وإنتاج الصور والفيديوهات واستعمال مصادرها الجديدة وفضاءاتها الحديثة التي تمثلها شبكات التواصل الإجتماعي.
من جهته، قال دافيد ساليلين، الخبير الفرنسي في إستراتيجية المحتويات وهندسة الإفتتاحيات أن وكالة الأنباء، كأي وسيلة إعلام، ينبغي أن «تحرص على الحفاظ على المصداقية وثقة العموم وخاصة الجيل الجديد».
وبعد أن أبرز أهمية مفهوم الإقتصاد التشاركي، توقف ساليلين عند استراتيجية المحتوى والحاجة لملاءمة المضمون مع الشكل، مشيرا إلى أن «مسؤولي التحرير ينبغي أن يضعوا هدف المحتوى في صلب تفكيرهم».
وشدد الخبير الفرنسي على أن الهدف الحقيقي للإستراتيجية الرقمية تكمن في التساؤل عن «كيفية مساعدة المحتوى القارئ على تحسين طريقة عيشه وفهم رهانات محيطه».
محمد برادة: الصحافة والإتجاه نحو طريق التحديث الرقمي
من جانبه، أبرز الرئيس المؤسس لشركة سابريس والرئيس المدير العام ل برومو بريس الأستاذ محمد عبد الرحمان برادة في مداخلة بعنوان «أي نموذج إقتصادي لصحافة اليوم؟»، أن «النموذج الإقتصادي للصحافة يوجد ضمن النموذج الجديد الذي يتم السعي إليه من أجل المقاولات الجديدة ومتطلباتها».
ولفت إلى أن «الصحافة ليست وحدها من تبحث عن نموذج جديد»، مضيفا أن «هذه الرؤية الجديدة تفرض ذاتها لإعادة تكييف كافة قطاعات الأنشطة مع التطور في الإحتياجات الحقيقية للمواطنين في جميع أنحاء العالم».
وقال الإعلامي برادة، في هذا الصدد، إنه إذا كانت الصحافة المكتوبة غيرت وسائطها بالتخلي تدريجيا عن الورقي والإتجاه نحو طريق التحديث الرقمي، «فإن وكالاتنا للأنباء مدعوة أيضا إلى البحث عن موقع جديد مغاير تماما لمفاهيم الوظائف السابقة».
وأشاد برادة، بالمناسبة، بالتقدم الملموس الذي أحرزته وكالة المغرب العربي للأنباء، مما جعلها رافعة حقيقية للتنمية وأداة تتطور لتلبية الحاجيات الحديثة والحقيقية والمحينة باستمرار لزبنائها.
وتابع برادة «يجب على وكالة أنباء اليوم، بكل تأكيد، القيام بمهام الإخبار، ولكن أيضا تلبية طلب زبنائها من خلال اقتراح عدد من الخدمات التي تتوافق مع الإحتياجات المحددة لفئاتها المهنية»، مشيرا إلى أن النموذج الإقتصادي الجديد، والمتعلق بالصحيفة والصحافة وكافة وسائل الإتصال، هو ذلك «النموذج الذي يتماشى مع حاجيات القارئ والزبون ومستخدم اليوم».
كما أكد المتدخلون على ضرورة قيام وكالات الأنباء الإفريقية ببلورة استراتيجية مشتركة وإقامة شراكات إستراتيجية في المجالات ذات الإهتمام المشترك، من أجل التصدي لانتشار الأخبار المزيفة.
وتعتبر الفيدرالية الأطلسية لوكالات الأنباء الإفريقية، التي تتخذ من المغرب مقرا لها، منصة مهنية للنهوض بتبادل الخبرات والمعلومات ومنتجات الوسائط المتعددة، وكذا لتبادل الأفكار والنقاش حول مستقبل وكالات الأنباء الإفريقية والدور الذي يجب أن تضطلع به في القرن الحادي والعشرين، وذلك بناء على تنوع وخصوصية كل وكالة على حدة.
وتشمل أهداف الفيدرالية إرساء شراكة إستراتيجية وتطوير العلاقات المهنية بين وكالات الأنباء الأعضاء، إلى جانب المساهمة في تعزيز التداول الحر للمعلومة وتكثيف التعاون والتنسيق على مستوى المنتديات الإقليمية والدولية.
المصدر: الدار – وم ع