عزل تام في بريطانيا ومنظمة الصحة تحذر من “تسارع” كوفيد-19
دخل العزل التام حيّز التنفيذ في بريطانيا الثلاثاء لينضم سكّانها إلى نحو 1,7 مليار شخص حول العالم أمرتهم سلطات بلدانهم بالتزام منازلهم للحد من التفشّي “المتسارع” لفيروس كورونا المستجد.
وأمرت حكومات من أنحاء أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية والشرق الأوسط وصولا إلى أجزاء من إفريقيا مواطنيها بالمكوث في منازلهم في ظل المساعي للتعامل مع الوباء الذي حصد أرواح الآلاف في حين لا يبدو حتى الآن أن وتيرته قد تتراجع.
لكن برز مؤشر يبعث على الأمل إذ من المقرر أن ترفع مقاطعة هوباي وسط الصين، حيث ظهر الفيروس أول مرة أواخر العام الماضي، القيود على الحركة بعدما فرضت عزلا تاما استمر لشهرين.
وترافقت إجراءات العزل العالمية مع روايات مأساوية على غرار تلك الواردة من إسبانيا حيث عثر جنود أوكلوا مهمّة مكافحة الفيروس على أشخاص مسنّين تركوا في دور للعجزة، بعضهم لقي حتفه.
وفي شوارع نيويورك التي باتت مهجورة، أعربت أخصائية نفسية قامت بجولة في المدينة عن قلقها حيال التداعيات طويلة الأمد على الصحة النفسية للأشخاص المتأثّرين بانعكاسات الوباء.
وقالت لورن التي رفضت الكشف عن اسم عائلتها “أنا خائفة على نفسي وعلى المرضى من استمرار هذا الوضع” لشهور.
وأضافت “تزداد حدة (القلق والاكتئاب) في أوقات كهذه”.
وأما التداعيات المالية بتجمّد اقتصادات كبرى، فأثارت مخاوف صانعي القرارات في العالم الذين سارعوا لإغراق الأسواق بمزيد من السيولة على أمل إبقاء عجلة الاقتصاد تدور.
في الولايات المتحدة، كشف الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) عن برنامج استثنائي لشراء الأسهم في خطوة غير مسبوقة منذ الأزمة المالية العالمية قبل نحو عقد.
وأعلن المصرف، الذي خفض أساسا معدّلات الفائدة لمستويات قياسية، أنه سيشتري كميّات غير محدودة من ديون الخزانة وسيتّخذ خطوات لتقديم قروض مباشرة للشركات الصغيرة والمتوسطة المتضررة بفعل إجراءات العزل التام في أنحاء البلاد.
ورحّبت الأسواق الآسيوية بالأنباء لتسجّل مؤشرات البورصة في طوكيو وهونغ كونغ وسيول ارتفاعا كبيرا في آخر جلسة تداول.
وجاء ذلك على الرغم من فشل السياسيين في الولايات المتحدة في إقرار حزمة بتريليوني دولار قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنها تهدف لدعم الشركات المتضررة وتقديم سيولة للعائلات الأميركية.
لكن معارضيه أشاروا إلى أن الخطة تركّز بشكل أكبر على إنقاذ الأعمال التجارية الكبيرة.
وأما الحكومة البريطانية التي واجهت اتّهامات بأنّها تراخت في التعامل مع الأزمة الصحية وسمحت بإبقاء المدارس مفتوحة دون ضرورة لفترة أطول بكثير من نظيراتها الأوروبية، فتحرّكت أخيرا الاثنين.
الإصابات الجديدة بكوفيد-19 خلال أسبوع
وأمر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بإغلاق مدّته ثلاثة أسابيع للمتاجر والخدمات “غير الأساسية” وحظر تجمّع أكثر من شخصين.
وقال جونسون في خطاب متلفز “الزموا منازلكم”، بينما كشف عن إجراءات غير مسبوقة في فترات السلم بعدما بلغت حصيلة الوفيات في البلاد 335.
وجاء الإعلان بعدما شوهدت حشود تتنزّه في عطلة نهاية الأسبوع في الحدائق والمناطق الريفية، ما استدعى دعوات للتحرّك بشكل أكثر تشددا.
وحذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من أن الوباء العالمي “يتسارع” بشكل واضح.
عناصر من الحرس الوطني التابع للجيش الأميركي في مركز
جاكوب جافيتس المقرر تحويله إلى مستشفى ميداني
لاستقبال المصابين بكوفيد-19 في نيويورك
وتجاوز عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد 16500 حالة بينما تأكّدت أكثر من 378 ألف إصابة في 174 بلدا ومنطقة.
وأفاد تيدروس أن الفيروس استغرق 67 يوما منذ تفشيه في الصين في ديسمبر لإصابة 100 ألف شخص حول العالم.
في المقابل، استغرقت إصابة 100 ألف شخص آخرين 11 يوما في حين أصيبت الدفعة الثالثة من 100 ألف شخص خلال أربعة أيام فقط، بحسب تيدروس.
وأقر مدير المنظمة الدولية بأن بعض البلدان تواجه صعوبة في تطبيق تدابير “هجومية” لمواجهة الفيروس بسبب نقص الموارد، لكنه قال “لسنا مجرّد متفرّجين لا حول لنا ولا قوة”.
وأضاف “يمكننا تغيير مسار هذا الوباء العالمي”.
وكان هناك بصيص أمل الاثنين من الأرقام الواردة من إيطاليا، نقطة انتشار كوفيد-19 في أوروبا.
وتراجع عدد الإصابات الجديدة في البلد الأكثر تأثّرا بالفيروس في القارّة إلى 5000 مقارنة بأكثر من 6500 في اليوم السابق.
وانخفض العدد اليومي للوفيات لديها بشكل طفيف كذلك، رغم أن إجمالي حصيلة الوفيات في إيطاليا والذي بلغ أكثر من 6000 تجاوز بكثير الأعداد التي تم تسجيلها حتى في الصين.
لقطة من جنازة شخص توفي بكوفيد-19 في إيطاليا بتاريخ 23 مارس 2020
حيث دفن في غياب أقاربه الخاضعين للحجر الصحي
وفي الولايات المتحدة، فرض عزل تام في مدينة نيويورك فخلت شوارعها المكتظة عادة إذ لم يشاهد فيها سوى عدد من الصيادلة وموظفي متاجر الأغذية والموظفين الصحيين.
لكن ترامب، الذي يأمل بأن يعاد انتخابه لولاية ثانية في نوفمبر، يسعى لتجنّب أي أضرار اقتصادية طويلة الأمد على بلاده. وقال للصحافيين إنه قريبا “سنفتح بلدنا أمام الأعمال التجارية لأن بلدنا يجب أن يبقى مفتوحا”.
وبينما أعلنت سوريا عن أول إصابة لديها بكورونا المستجد، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف لإطلاق النار في جميع أنحاء العالم.
وقال إن “شدّة الفيروس تكشف حماقة الحرب”.
وبينما تم إلغاء مناسبات ثقافية ورياضية كبرى، توالت الدعوات لتأجيل أولمبياد طوكيو في حين أقر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الاثنين أن التأجيل قد يكون أمرا “لا مفر منه”.
المصدر: الدار ـ أ ف ب