أخبار دولية

استنساخ التجربة العراقية لتكوين حكومة شعبية بالمغرب

p.p1 {margin: 0.0px 0.0px 0.0px 0.0px; text-align: right; font: 18.0px ‘Geeza Pro’; color: #424242}
p.p2 {margin: 0.0px 0.0px 0.0px 0.0px; text-align: right; font: 18.0px Times; color: #424242; min-height: 23.0px}
span.s1 {font: 18.0px Times}

الحسن أيت بيهي

 

في خبر طريف ربما يدخل في خانة "ضحك كالبكاء" على حال أمتنا العربية من الماء إلى الماء، أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي المكلف، عادل عبدالمهدي، أمس الأربعاء، تلقيه 36 ألف طلب لتولي حقائب وزارية بالحكومة الجديدة من المواطنين العراقيين بعد يوم واحد فقط من فتح باب الترشح أمام ل عراقي لتولي مسؤولية في الحكومة الجديدة.

ولمزيد من الطرافة يقول الخبر الذي تناقلته الوكالات العالمية، ومنها وكالة المغرب العربي للأنباء، أن رئيس الوراء أفاد في بيان رسمي أن "عدد من سجلوا طلبات الترشح أمس، عبر الموقع الالكتروني الخاص بهذا الشأن (موقع رئاسة الوزراء)، بلغ 36 ألف و6 أشخاص، فيما بلغ عدد الترشحات المكتملة 9 آلاف و317"، موضحا أن "نسبة المستقلين من المتقدمين بلغت 97 في المائة، ومثلت طلبات النساء نسبة 15 بالمائة، فيما بلغت نسبة المتقدمين من حملة الشهادات العليا 23 في المائة" بل إن الطلبات كانت من كل المحافظات العراقية الـ18 وشملت كل الوزرات.. انتهى الخبر.

قد يقول قائل أن من حق أي مواطن عراقي التقدم بترشحه ما دام قد فتح الباب أمام الجميع، لكن السؤال الذي "يدمي القلب" هو كيف يمكن لهذا الكم أن يتقدم لشغل وظيفة وزارية في يوم واحد علما أن وضع ملفات الترشح ستستمر حتى نهاية اليوم الخميس 11 أكتوبر مما قد يرفع العدد إلى أزيد من 100 ألف مرشح للوزارة.. وكيف يتهافت كل هذا الكم من العراقيين على هذه المهام وهم يعرفون أنهم في بلد تنحره الطائفية والعشائرية ولم يعد كما كان منذ سقوط نظام صدام حسين، ومع ذلك تجد كل هذا الكم يرغب في أن يحمل على الأقل صفة مرشح للوزارة.

ذكرتني هذه الواقعة بحال بلدنا المغرب الذي كلما كان هناك حديث عن حكومة جديدة أو تغيير وزاري جديد إلا وشمر "مناضلو" الأحزاب المغربية عن سواعدهم لإعداد ملفات ترشحهم على أمل أن يجدوا لهم موقعا للتسلسل إلى هذا المنصب، وكم من معارك عشنا على إيقاعها داخل أحزاب معينة من أجل الفوز بمقعد وزاري، بل هناك من ينزل بكل ثقله المالي والعائلي والقبلي وغيره من "الأثقال" لابتزاز قيادته للفوز بمنصبة وزاري علما أن الأمر يقتصر فقط على الطبقة السياسية وعلى بعضه أحزاب تشكل الأغلبية.

فماذا لو عكسنا الآية، واعتمدنا نفس المنطق الذي اعتمده رئيس الوزراء العراقي المكلف عادل عبدالمهدي في فتح المجال أمام الجميع عندنا في المغرب؟

أكيد أننا سنكون أمام كارثة بكل المقاييس.. فإذا كانت الانتخابات الجماعية التي تعد في ظاهرها عملا تطوعيا تعرف ترشح عشرات الآلاف، فإن فتح المجال لتولي الوزارة سيسيل لعاب الكثيرين من أجل الفوز بمقعد مريح وراتب سمين وتقاعد مضمون، خاصة في ظل الامتيازات الكثيرة التي يحظى بها وزراؤنا مقابل مهام لا يقومون بها أصلا ووعود لا يفون بها بل لمجرد "التبناد" في الاجتماعات وحضور الولائم وأخذ الصور مع المعجبين وأحيانا المعجبات..

فالمغاربة، وخاصة بعد أن تعرفوا على أحوال عدد من الوزراء قبل الوزارة وبعد الوزارة، وبعد أن أصبحوا يخبرون طرق عمل الوزراء السهلة التي لا تكلفهم عناء استعمال مادتهم الرمادية لطرح حلول لرفاهية هذا الشعب، يعتقدون أن بإمكان أي شخص تولي هذا المنصب، ويكفي أن تجيد "التبناد" و"تخراج العينين" و"البكاء على الأطلال" حتى تتمكن من المقعد الوثير، وبعدها تنضم إلى الطابور الذي يستبدل "البيصارة" بالكافيار والدراجة بالسيارة الفاخرة.

أعتقد أن الوصفات السحرية لتكوين حكومات تستمع لنبض الشارع المغربي قد فشلت كلها خاصة وأن الشعب قد فقد الأمل في حدوث تغيير أو إيفاء الحكومات بوعودها والتزاماتها تجاهه، وبالتالي فلا مانع من اقتباس التجربة العراقية في تكوين الحكومات الشعبية والتي حتى إذا لم تنجح قد تكشف لنا عدد من لديهم نوازع وتطلعات لتولي الوزارة.. فإن لم يكن وزيرا.. فعلى الأقل سيحمل لقب مرشح لتولي وزارة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى